المواضيع الأخيرة
اللحية: الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اللحية: الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة في هذا المنتدى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
قرأت موضوعا للشيخ أحمد بن حمد الخليلي حول اللحية فأردت نقل الموضوع:
" أما اللحية: فقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بتوفيرها فضلا عن سنته العملية في ذلك وهو عليه الصلاة والسلام قدوة أهل الإيمان وفي أعماله أسوة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر، قال الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )، ومما ثبت في هذا الباب ما رواه الربيع في مسنده الصحيح عن أبي عبيدة عن جابر ابن زيد عن أبي سعيد الخدري: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحى"، وجاء بهذا اللفظ عند مسلم في صحيحه وأبي داود والبيهقي في سننهما وأبي عوانة في مسنده من طريق ابن عمر رضي الله عنهما وهو في سنن الترمذي بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى"، قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وروى البخاري من طريق ابن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب" ورواه من طريقه أيضا بلفظ: "أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى"، ورواه من طريقه مسلم في صحيحه والنسائي والترمذي والبيهقي في سننهم بلفظ: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، ورواه ابن أبي شيبة في مسنده كذلك، وهو في مسند أبي يعلى من طريقه بلفظ: "أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب"، وفي رواية أخرى لمسلم بلفظ: "خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"، وروى مسلم كذلك في صحيحه وأبو عوانة في مسنده من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس".
وروى مسلم بإسناده إلى عبدالله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق، الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة، وانتقاص الماء" قال زكريا: قال مصعب – من رجال إسناد الحديث– : "ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة"، زاد قتيبة: قال وكيع – وهما من رجال إسناده أيضا – : "انتقاص الماء يعني الاستنجاء"، ورواه أيضا من هذا الطريق أحمد وإسحاق في مسنديهما، وأبو داود والترمذي والبيهقي في سننهم وابن خزيمة في صحيحه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وفي السنن الكبرى للنسائي: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع عن ابن وهب عن حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الفطرة قص الأظفار وحلق العانة وإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى" .
وفي صحيح ابن حبان بإسناده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن فطرة الإسلام الغسل يوم الجمعة والاستنان وأخذ الشارب وإعفاء اللحى فإن المجوس تعفي شواربها وتحفي لحاها فخالفوهم حدوا شواربكم، وأعفوا لحاكم" وفي المعجم الأوسط للطبراني بإسناده إلى أبي هريرة أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وفروا اللحى وخذوا من الشوارب وانتفوا الآباط واحذروا الفلقتين" وروى أحمد في مسنده من طريق ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب"، ومن روايته أيضا: يقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعفى اللحى وأن تجز الشوارب" ومن طريق أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، ومن طريقه أيضا: "جزوا الشوارب وأعفوا اللحى وخالفوا المجوس"، ومن طريقه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا من الشوارب وأعفوا اللحى" وروى ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناده إلى عبيدالله بن عتبة قال: جاء رجل من المجوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق لحيته وأطال شاربه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذا؟"، قال: هذا ديننا، قال: " في ديننا أن نجز الشارب ونعفي اللحية"، وروى من طريق عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية" وروى الطبراني في كبيره وأوسطه من طريق ابن عباس قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال: "إن الله سبحانه وتعالى ورسوله حرم عليكم الخمر وثمنها وحرم عليكم الخنازير وأكلها وثمنها وقال: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تمشوا في الأسواق إلا وعليكم الأزر، إنه ليس منا من عمل بسنة غيرنا" وروى في كبيره من طريق ابن عباس أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوفوا اللحى وقصوا الشوارب" قال: "وكان إبراهيم خليل الرحمن يوفي لحيته ويقص شاربه"، وروى في كبيره أيضا من طريق عثمان بن عبيد الله بن رافع أنه رأى أبا سعيد الخدري وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمر وسلمة بن أكوع وأبا أسيد البدري ورافع بن خديج وأنس بن مالك يأخذون من الشوارب كأخذ الحلق ويعفون اللحى وينتفون الآباط.
وهذه الروايات كلها تفيد مشروعية توفير اللحى في الإسلام ووجوبه على المسلم، فإنها صريحة في أمره صلى الله عليه وسلم به وأمره للوجوب إلا أن تصرفه قرينة إلى الندب أو الإباحة، والقرائن هنا تؤكد الوجوب، فإنه صلى الله عليه وسلم بين أن هذه هي الفطرة وأنها سنة هذه الأمة المسلمة، وأن خلاف ذلك من سنة غيرنا، وليس منا من عمل بسنة غيرنا، وقد تلقت الأمة بجميع مذاهبها الفكرية والفقهية هذه الروايات بالقبول فعولت عليها قولا وعملا جيلا بعد جيل، من لدن الصحابة والتابعين إلى أن غزيت الأمة في عقر دارها، وأذيبت شخصيتها، وجردت من هويتها وفرض عليها الغازي أفكاره وعاداته، وسلخها من جميع مقوماتها، وخيل إليها أن تقدمها ورقيها لا يكونان إلا بانسياقها وراء ما زينه لها، فانساق الناس زرافات ووحدانا يردون من هذا المورد المستنقع الآسن، متساقطين في المهالك تساقط الفراش على ألسنة النار، فكان ذلك سببا لذهاب ريح الأمة إذ أصبحت كالريش في مهب الرياح، فاقدة كرامتها وعزتها تداس خدودها بمناسم الجبروت في أوحال الهوان، وكانت من قبل أن يجثو الغازي بثقله على صدرها لا ترى مخالفة ما دلت عليه هذه الروايات إلا من مظاهر التخلف والانحطاط، فلذلك كانت تستنكر صدور ذلك حتى من الفساق، بل كان العلماء يلحقون من أتى بهذه التصرفات الشاذة بالمجوس، كما قال أبو شامة: وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها.
فليت هؤلاء الذين يروجون لهذه السفاسف باسم الدين والدعوة تبقى في نفوسهم غيرة على سلوك آبائهم الماضين وما كانوا عليه من الأنفة أن يعزى إلى أحدهم شيء من هذه التصرفات إن لم تبق فيهم غيرة على الدين.
وقبيح بنا وإن قدم العهـ ـد هوان الآباء والأجداد
نعم، عندما أصبحت الأمة تفكر بغير ألبابها، وتبصر بغير مقلها، استحسنت كل ما يلقى به في ساحتها من خارج محيطها من النفايات والأقذار، حتى لو تنخم أحد من أعداء الأمة لتسارع سواد الأمة إلى نخامته يلعقونها بألسنتهم ويبتلعونها بلهواتهم ويتمعكون بآثارها.
تلك هي الانتكاسة التي هوت بالأمة إلى الحضيض الأسفل فآثرت النزول إلى قيعان الهوان على الارتقاء في ذرى العز والكرامة.
وأنتم تدرون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على جعل الشخصية المسلمة متميزة بمظهرها ومخبرها، ومستقلة بفكرها وسلوكها، ومعتدة بأصولها وتأريخها، فلذلك كان يعلل ما يأمرها به في هذه الروايات بمخالفة المشركين واليهود والمجوس، مع تنبيهه بأن هذه هي الفطرة السليمة، فإن اللحية من مظاهر الرجولة وقد دل القرآن الكريم على محافظة الأنبياء السابقين عليها فيما حكاه من قصة موسى وهارون في قوله: قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي، ولا يماري أحد في كون الشخصية المحمدية عليها أفضل الصلاة والتسليم كانت متصفة بكثاثة اللحية، وكان هدي أصحابه عليه الصلاة والسلام المحافظة على ذلك فأي قدوة يبتغي المسلم إن لم يكن قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبيين من قبله وأصحابه الكرام.
هذا، ومهما اختلفت العبارات في تلك الروايات فإن مؤداها واحد إذ الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير؛ لأن كلا من هذه الألفاظ دال على التنمية والتكثير، فالإعفاء: هو جعل الشيء عافيا أي ناميا كثيرا، ومنه قوله تعالى: ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا ، أي كثروا ونموا، وكذلك قول الشاعر:
بمستأسد القريان عاف نباته تساقطه والرحلَ من صوت هدهد
وقول غيره:
ولكنا نعض النصل منها بأسوق عافيات الشحم كوم
فمن الواضح بداهة أن المراد بعاف نباته: نام ، وكذلك عافيات الشحم: ناميات، ولا يدل التوفير والإرخاء والإيفاء إلا على هذا المعنى، فكيف يجتمع ذلك مع الاستئصال أو التقصير؟!، ومما يدل على ذلك أيضا ما رواه مسلم من طريق أبي هريرة بلفظ: "أرجئوا" أي اتركوا، وفسر ذلك الحافظ ابن حجر بأخروها، ومؤدى الكل واحد.
فكيف تسوغ بعد هذا المماحكة والمجادلة في هذا الأمر بعدما وضح الصبح لذي عينين، وكانت هذه الروايات موضع تقدير وقبول من جميع الأمة بغير خلاف عندما كانت حرة في إرادتها لا تملى عليها من خارج محيطها؟!.
أما محاولة التملص من هذا بدعوى أن هذه الروايات لم تصل حد التواتر القطعي، فهي من المجادلة بالباطل لإدحاض الحق؛ لأنها خروج عن منهج الأمة وتعطيل لجانب كبير من الدين، وإهمال لطائفة لا يستهان بها من أدلة الشرع الحنيف، لأن مما درج عليه السلف والخلف منذ عهد الرسالات المشرقة أن جانب التطبيق والعمل لا يتوقف على التواتر في النقل – كما سبق بيانه – وإلا فما بال النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بعوثه إلى الأمصار وحدانا وكانت الحجة تقوم بهم والشريعة تبسط سلطانها في الناس برواياتهم، وقد درجت الأمة على هذا المنوال، وما شذ عنه إلا من إيفت حواسهم عن إدراك الحق فجادلوا هذه المجادلات الباطلة؛ التي لو أخذت بها الأمة لضاقت ذرعا بدينها وأعياها الدليل الذي تفرق به بين الحق والباطل وتميز به بين الخطأ والصواب، فأنى لها بالمتواتر لحل مشكلاتها الدينية من عباداتها ومعاملاتها جميعا؟، ولو أخذت بهذا لانحصر دينها في العقيدة دون العمل، وفي المجملات دون المفصلات، وفي الكليات دون الجزئيات وأنى بهذا يستقيم ركن الدين، وتسعد الأمة باتباع شريعة ربها؟ ، أوليس في هذه الدعوة سعي حثيث إلى نقض بنيان هذا الدين وهد أركانه وتقليص شريعته وتضييق مساحته وحل عراه؟.
أما دعوى أن الفسوق لا يكون بمخالفة هذه الأوامر، فهي مردودة بأن الأمة لما تلقتها بالقبول وأجمعت على صدورها من النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لم يبق ريب لمرتاب أن مخالفتها عصيان للنبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأمره وخروج عن سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى: ( وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً )، وقال: ( لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)، وقال: ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) وقال: ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )، وليت شعري بماذا يعتذر الإنسان عن مخالفته هذه الأوامر بعد أن بلغته، وقامت عليه حجتها، وأطبق السلف والخلف على التعويل عليها، والاستناد إليها في الفتوى والعمل؟!.
ولا ريب أن علماء مذهبنا في هذا كانوا أكثر الناس استمساكا بهذه الروايات ودلالاتها سواء المشارقة والمغاربة منهم، وحسبي أن أذكر منهم مثالين مشرقيا ومغربيا وهما إمامنا نور الدين السالمي وشيخنا العلامة الصمصام أبو إسحاق إبراهيم إطفيش رحمهما الله.
ففي جوهر النظام للإمام السالمي قوله:
والملكان قيل الشاربان فطهر الموضع تكريما لهم
هم للحى منهم يحلقونا وأنت خالفهم فجز الشاربا
أتى عن المختار هذا الحال بل قيل إن قصها كبيرة
مقعدهم من ثم يقطعان وخالف الأعجام في أفعالهم
وشعر الشارب يتركونا ووفر اللحية حكما واجبا
صح بذاك الفعل والمقال فالمنع سنة بها شهيرة
وعلق شيخنا الإمَام العلامة أبو إسحاق على هذا الكلام قائلا: ليس لفظ "قيل" هنا للتمريض لأن قص اللحية ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أحاديث صريحة في النهي عنه وأخرى في الوعيد عليه، ففي المسند الصحيح من طريق أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحى" وإعفاؤها توفيرها، وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث ابن عمر يرفعه: "خالفوا المشركين، جزوا الشوارب وأعفوا اللحى"، فالأمر بالمخالفة يفيد إطلاق المنع من التشبه بهم وذلك حكم معلل بالمخالفة فهي علة عامة وما بعدها بعض معلولاتها والأحاديث الواردة في الكتب الصحاح في موضوعنا هذا كثيرة".اهـ
ولئن كان هذا موقف المتأخرين من علمائنا من هذه القضية فناهيك بمتقدميهم الذين كانوا أبعد ما يكونون عن التساهل وأحرص الناس على اتباع الحق والاستمساك بالأدلة، وإنما اقتصرت على هذين النصين في النقل عنهم تجنبا للإطالة ولأن المسألة شهيرة عندهم.
ولربما جادل مجادل من المتعنتين في هذا استنادا إلى ما أخرجه الترمذي عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، وليس فيما يقولونه حجة فإن هذه الرواية لا تصح، ناهيك أن الترمذي نفسه وصف هذا الحديث بأنه غريب وذكر عن البخاري أنه قال: في رواية عمر بن هارون – أحد رجال إسناد هذه الرواية – لا أعلم له حديثا منكرا إلا هذا، وذكر الحافظ ابن حجر أنه ضعف عمر بن هارون مطلقا جماعة، وأنت تدري ما في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من مقال، وحسبك ذلك فكيف يعوّل على هذه الرواية الشاذة وتترك الروايات المشهورة التي اتفق على صحة أسانيدها ومتونها وعولت عليها الأمة في الفتوى والعمل، على أن هذه الرواية لا تعدو أن تكون حكاية لعمل، بينما الروايات الأخرى هي نصوص قولية، والعمل لا يوازي القول في الحجة."
الإخوة في هذا المنتدى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
قرأت موضوعا للشيخ أحمد بن حمد الخليلي حول اللحية فأردت نقل الموضوع:
" أما اللحية: فقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بتوفيرها فضلا عن سنته العملية في ذلك وهو عليه الصلاة والسلام قدوة أهل الإيمان وفي أعماله أسوة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر، قال الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )، ومما ثبت في هذا الباب ما رواه الربيع في مسنده الصحيح عن أبي عبيدة عن جابر ابن زيد عن أبي سعيد الخدري: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحى"، وجاء بهذا اللفظ عند مسلم في صحيحه وأبي داود والبيهقي في سننهما وأبي عوانة في مسنده من طريق ابن عمر رضي الله عنهما وهو في سنن الترمذي بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى"، قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وروى البخاري من طريق ابن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب" ورواه من طريقه أيضا بلفظ: "أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى"، ورواه من طريقه مسلم في صحيحه والنسائي والترمذي والبيهقي في سننهم بلفظ: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، ورواه ابن أبي شيبة في مسنده كذلك، وهو في مسند أبي يعلى من طريقه بلفظ: "أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب"، وفي رواية أخرى لمسلم بلفظ: "خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"، وروى مسلم كذلك في صحيحه وأبو عوانة في مسنده من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس".
وروى مسلم بإسناده إلى عبدالله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق، الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة، وانتقاص الماء" قال زكريا: قال مصعب – من رجال إسناد الحديث– : "ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة"، زاد قتيبة: قال وكيع – وهما من رجال إسناده أيضا – : "انتقاص الماء يعني الاستنجاء"، ورواه أيضا من هذا الطريق أحمد وإسحاق في مسنديهما، وأبو داود والترمذي والبيهقي في سننهم وابن خزيمة في صحيحه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وفي السنن الكبرى للنسائي: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع عن ابن وهب عن حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الفطرة قص الأظفار وحلق العانة وإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى" .
وفي صحيح ابن حبان بإسناده إلى أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن فطرة الإسلام الغسل يوم الجمعة والاستنان وأخذ الشارب وإعفاء اللحى فإن المجوس تعفي شواربها وتحفي لحاها فخالفوهم حدوا شواربكم، وأعفوا لحاكم" وفي المعجم الأوسط للطبراني بإسناده إلى أبي هريرة أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وفروا اللحى وخذوا من الشوارب وانتفوا الآباط واحذروا الفلقتين" وروى أحمد في مسنده من طريق ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعفوا اللحى وأحفوا الشوارب"، ومن روايته أيضا: يقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعفى اللحى وأن تجز الشوارب" ومن طريق أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، ومن طريقه أيضا: "جزوا الشوارب وأعفوا اللحى وخالفوا المجوس"، ومن طريقه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا من الشوارب وأعفوا اللحى" وروى ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناده إلى عبيدالله بن عتبة قال: جاء رجل من المجوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق لحيته وأطال شاربه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذا؟"، قال: هذا ديننا، قال: " في ديننا أن نجز الشارب ونعفي اللحية"، وروى من طريق عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية" وروى الطبراني في كبيره وأوسطه من طريق ابن عباس قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال: "إن الله سبحانه وتعالى ورسوله حرم عليكم الخمر وثمنها وحرم عليكم الخنازير وأكلها وثمنها وقال: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تمشوا في الأسواق إلا وعليكم الأزر، إنه ليس منا من عمل بسنة غيرنا" وروى في كبيره من طريق ابن عباس أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوفوا اللحى وقصوا الشوارب" قال: "وكان إبراهيم خليل الرحمن يوفي لحيته ويقص شاربه"، وروى في كبيره أيضا من طريق عثمان بن عبيد الله بن رافع أنه رأى أبا سعيد الخدري وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمر وسلمة بن أكوع وأبا أسيد البدري ورافع بن خديج وأنس بن مالك يأخذون من الشوارب كأخذ الحلق ويعفون اللحى وينتفون الآباط.
وهذه الروايات كلها تفيد مشروعية توفير اللحى في الإسلام ووجوبه على المسلم، فإنها صريحة في أمره صلى الله عليه وسلم به وأمره للوجوب إلا أن تصرفه قرينة إلى الندب أو الإباحة، والقرائن هنا تؤكد الوجوب، فإنه صلى الله عليه وسلم بين أن هذه هي الفطرة وأنها سنة هذه الأمة المسلمة، وأن خلاف ذلك من سنة غيرنا، وليس منا من عمل بسنة غيرنا، وقد تلقت الأمة بجميع مذاهبها الفكرية والفقهية هذه الروايات بالقبول فعولت عليها قولا وعملا جيلا بعد جيل، من لدن الصحابة والتابعين إلى أن غزيت الأمة في عقر دارها، وأذيبت شخصيتها، وجردت من هويتها وفرض عليها الغازي أفكاره وعاداته، وسلخها من جميع مقوماتها، وخيل إليها أن تقدمها ورقيها لا يكونان إلا بانسياقها وراء ما زينه لها، فانساق الناس زرافات ووحدانا يردون من هذا المورد المستنقع الآسن، متساقطين في المهالك تساقط الفراش على ألسنة النار، فكان ذلك سببا لذهاب ريح الأمة إذ أصبحت كالريش في مهب الرياح، فاقدة كرامتها وعزتها تداس خدودها بمناسم الجبروت في أوحال الهوان، وكانت من قبل أن يجثو الغازي بثقله على صدرها لا ترى مخالفة ما دلت عليه هذه الروايات إلا من مظاهر التخلف والانحطاط، فلذلك كانت تستنكر صدور ذلك حتى من الفساق، بل كان العلماء يلحقون من أتى بهذه التصرفات الشاذة بالمجوس، كما قال أبو شامة: وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها.
فليت هؤلاء الذين يروجون لهذه السفاسف باسم الدين والدعوة تبقى في نفوسهم غيرة على سلوك آبائهم الماضين وما كانوا عليه من الأنفة أن يعزى إلى أحدهم شيء من هذه التصرفات إن لم تبق فيهم غيرة على الدين.
وقبيح بنا وإن قدم العهـ ـد هوان الآباء والأجداد
نعم، عندما أصبحت الأمة تفكر بغير ألبابها، وتبصر بغير مقلها، استحسنت كل ما يلقى به في ساحتها من خارج محيطها من النفايات والأقذار، حتى لو تنخم أحد من أعداء الأمة لتسارع سواد الأمة إلى نخامته يلعقونها بألسنتهم ويبتلعونها بلهواتهم ويتمعكون بآثارها.
تلك هي الانتكاسة التي هوت بالأمة إلى الحضيض الأسفل فآثرت النزول إلى قيعان الهوان على الارتقاء في ذرى العز والكرامة.
وأنتم تدرون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على جعل الشخصية المسلمة متميزة بمظهرها ومخبرها، ومستقلة بفكرها وسلوكها، ومعتدة بأصولها وتأريخها، فلذلك كان يعلل ما يأمرها به في هذه الروايات بمخالفة المشركين واليهود والمجوس، مع تنبيهه بأن هذه هي الفطرة السليمة، فإن اللحية من مظاهر الرجولة وقد دل القرآن الكريم على محافظة الأنبياء السابقين عليها فيما حكاه من قصة موسى وهارون في قوله: قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي، ولا يماري أحد في كون الشخصية المحمدية عليها أفضل الصلاة والتسليم كانت متصفة بكثاثة اللحية، وكان هدي أصحابه عليه الصلاة والسلام المحافظة على ذلك فأي قدوة يبتغي المسلم إن لم يكن قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبيين من قبله وأصحابه الكرام.
هذا، ومهما اختلفت العبارات في تلك الروايات فإن مؤداها واحد إذ الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير؛ لأن كلا من هذه الألفاظ دال على التنمية والتكثير، فالإعفاء: هو جعل الشيء عافيا أي ناميا كثيرا، ومنه قوله تعالى: ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا ، أي كثروا ونموا، وكذلك قول الشاعر:
بمستأسد القريان عاف نباته تساقطه والرحلَ من صوت هدهد
وقول غيره:
ولكنا نعض النصل منها بأسوق عافيات الشحم كوم
فمن الواضح بداهة أن المراد بعاف نباته: نام ، وكذلك عافيات الشحم: ناميات، ولا يدل التوفير والإرخاء والإيفاء إلا على هذا المعنى، فكيف يجتمع ذلك مع الاستئصال أو التقصير؟!، ومما يدل على ذلك أيضا ما رواه مسلم من طريق أبي هريرة بلفظ: "أرجئوا" أي اتركوا، وفسر ذلك الحافظ ابن حجر بأخروها، ومؤدى الكل واحد.
فكيف تسوغ بعد هذا المماحكة والمجادلة في هذا الأمر بعدما وضح الصبح لذي عينين، وكانت هذه الروايات موضع تقدير وقبول من جميع الأمة بغير خلاف عندما كانت حرة في إرادتها لا تملى عليها من خارج محيطها؟!.
أما محاولة التملص من هذا بدعوى أن هذه الروايات لم تصل حد التواتر القطعي، فهي من المجادلة بالباطل لإدحاض الحق؛ لأنها خروج عن منهج الأمة وتعطيل لجانب كبير من الدين، وإهمال لطائفة لا يستهان بها من أدلة الشرع الحنيف، لأن مما درج عليه السلف والخلف منذ عهد الرسالات المشرقة أن جانب التطبيق والعمل لا يتوقف على التواتر في النقل – كما سبق بيانه – وإلا فما بال النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بعوثه إلى الأمصار وحدانا وكانت الحجة تقوم بهم والشريعة تبسط سلطانها في الناس برواياتهم، وقد درجت الأمة على هذا المنوال، وما شذ عنه إلا من إيفت حواسهم عن إدراك الحق فجادلوا هذه المجادلات الباطلة؛ التي لو أخذت بها الأمة لضاقت ذرعا بدينها وأعياها الدليل الذي تفرق به بين الحق والباطل وتميز به بين الخطأ والصواب، فأنى لها بالمتواتر لحل مشكلاتها الدينية من عباداتها ومعاملاتها جميعا؟، ولو أخذت بهذا لانحصر دينها في العقيدة دون العمل، وفي المجملات دون المفصلات، وفي الكليات دون الجزئيات وأنى بهذا يستقيم ركن الدين، وتسعد الأمة باتباع شريعة ربها؟ ، أوليس في هذه الدعوة سعي حثيث إلى نقض بنيان هذا الدين وهد أركانه وتقليص شريعته وتضييق مساحته وحل عراه؟.
أما دعوى أن الفسوق لا يكون بمخالفة هذه الأوامر، فهي مردودة بأن الأمة لما تلقتها بالقبول وأجمعت على صدورها من النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لم يبق ريب لمرتاب أن مخالفتها عصيان للنبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة لأمره وخروج عن سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى: ( وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً )، وقال: ( لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)، وقال: ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) وقال: ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )، وليت شعري بماذا يعتذر الإنسان عن مخالفته هذه الأوامر بعد أن بلغته، وقامت عليه حجتها، وأطبق السلف والخلف على التعويل عليها، والاستناد إليها في الفتوى والعمل؟!.
ولا ريب أن علماء مذهبنا في هذا كانوا أكثر الناس استمساكا بهذه الروايات ودلالاتها سواء المشارقة والمغاربة منهم، وحسبي أن أذكر منهم مثالين مشرقيا ومغربيا وهما إمامنا نور الدين السالمي وشيخنا العلامة الصمصام أبو إسحاق إبراهيم إطفيش رحمهما الله.
ففي جوهر النظام للإمام السالمي قوله:
والملكان قيل الشاربان فطهر الموضع تكريما لهم
هم للحى منهم يحلقونا وأنت خالفهم فجز الشاربا
أتى عن المختار هذا الحال بل قيل إن قصها كبيرة
مقعدهم من ثم يقطعان وخالف الأعجام في أفعالهم
وشعر الشارب يتركونا ووفر اللحية حكما واجبا
صح بذاك الفعل والمقال فالمنع سنة بها شهيرة
وعلق شيخنا الإمَام العلامة أبو إسحاق على هذا الكلام قائلا: ليس لفظ "قيل" هنا للتمريض لأن قص اللحية ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أحاديث صريحة في النهي عنه وأخرى في الوعيد عليه، ففي المسند الصحيح من طريق أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحى" وإعفاؤها توفيرها، وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث ابن عمر يرفعه: "خالفوا المشركين، جزوا الشوارب وأعفوا اللحى"، فالأمر بالمخالفة يفيد إطلاق المنع من التشبه بهم وذلك حكم معلل بالمخالفة فهي علة عامة وما بعدها بعض معلولاتها والأحاديث الواردة في الكتب الصحاح في موضوعنا هذا كثيرة".اهـ
ولئن كان هذا موقف المتأخرين من علمائنا من هذه القضية فناهيك بمتقدميهم الذين كانوا أبعد ما يكونون عن التساهل وأحرص الناس على اتباع الحق والاستمساك بالأدلة، وإنما اقتصرت على هذين النصين في النقل عنهم تجنبا للإطالة ولأن المسألة شهيرة عندهم.
ولربما جادل مجادل من المتعنتين في هذا استنادا إلى ما أخرجه الترمذي عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، وليس فيما يقولونه حجة فإن هذه الرواية لا تصح، ناهيك أن الترمذي نفسه وصف هذا الحديث بأنه غريب وذكر عن البخاري أنه قال: في رواية عمر بن هارون – أحد رجال إسناد هذه الرواية – لا أعلم له حديثا منكرا إلا هذا، وذكر الحافظ ابن حجر أنه ضعف عمر بن هارون مطلقا جماعة، وأنت تدري ما في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من مقال، وحسبك ذلك فكيف يعوّل على هذه الرواية الشاذة وتترك الروايات المشهورة التي اتفق على صحة أسانيدها ومتونها وعولت عليها الأمة في الفتوى والعمل، على أن هذه الرواية لا تعدو أن تكون حكاية لعمل، بينما الروايات الأخرى هي نصوص قولية، والعمل لا يوازي القول في الحجة."
ياسر- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 30/11/2009
رد: اللحية: الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير
بارك الله فيك أخي ياسر على نقل هذا الحكم في هذه القضية.
وسؤالي هو: هل حكم الوجوب هذا لا يرتفع أبدا وهل هناك من أحوال يرتفع فيها هذا الحكم ؟ وما حكم من يطيل لحيته ويشعر نفسه بالأفضلية على من يقصرها أو يحلقها ؟
ولدي سؤال آخر وهو أنني سمعت أن هناك من يقول بجواز قصرها مطلقا ونرى كثيرا من العلماء يقصرونها فعلى ما يستند القائلون بجواز التقصير والحلق.
أرجو أن تشفي غليلنا في هذه المسألة بارك الله فيكم
وسؤالي هو: هل حكم الوجوب هذا لا يرتفع أبدا وهل هناك من أحوال يرتفع فيها هذا الحكم ؟ وما حكم من يطيل لحيته ويشعر نفسه بالأفضلية على من يقصرها أو يحلقها ؟
ولدي سؤال آخر وهو أنني سمعت أن هناك من يقول بجواز قصرها مطلقا ونرى كثيرا من العلماء يقصرونها فعلى ما يستند القائلون بجواز التقصير والحلق.
أرجو أن تشفي غليلنا في هذه المسألة بارك الله فيكم
متعلم- عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 10/09/2009
مجرد ناقل لهذا النص
شكرا لك أخي الكريم متعلم
أسألتك يُسأل بها أهل العلم جزاهم الله عنا خيرا
أسألتك يُسأل بها أهل العلم جزاهم الله عنا خيرا
ياسر- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 30/11/2009
رد: اللحية: الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير
بسم الله الرحمن الرحيم؛
أولا شكرا على الموضوع، وثانيا هناك اختلاط واضح في أبيات السالمي رحمه الله تعالى وهي هكذا:
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا شكرا على الموضوع، وثانيا هناك اختلاط واضح في أبيات السالمي رحمه الله تعالى وهي هكذا:
والملكان قيل الشاربان مقعدهم من ثم يقطعان
فطهر الموضع تكريما لهم وخالف الأعجام في أفعالهم
هم للحى منهم يحلقونا وشعر الشارب يتركونا
وأنت خالفهم فجز الشاربا ووفر اللحية حكما واجبا
أتى عن المختار هذا الحال صح بذاك الفعل والمقال
بل قيل إن قصها كبيرة فالمنع سنة بها شهيرة
فطهر الموضع تكريما لهم وخالف الأعجام في أفعالهم
هم للحى منهم يحلقونا وشعر الشارب يتركونا
وأنت خالفهم فجز الشاربا ووفر اللحية حكما واجبا
أتى عن المختار هذا الحال صح بذاك الفعل والمقال
بل قيل إن قصها كبيرة فالمنع سنة بها شهيرة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مصطفى- عدد المساهمات : 19
تاريخ التسجيل : 17/09/2009
رد: اللحية: الأمر بالإعفاء والتوفير والإرخاء والإيفاء يتنافى مع الحلق والتقصير
شكرا أخي الكريم مصطفى على التنبيه من الخطأ
ياسر- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 30/11/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد ديسمبر 06, 2009 12:36 am من طرف ياسر
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
الجمعة ديسمبر 04, 2009 8:42 am من طرف أبونصر
» صور إخواننا في الصين في عيد الأضحى
الخميس ديسمبر 03, 2009 7:58 am من طرف يحي بن عيسى
» الإمام غالب الهنائي في ذمة الله
الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 2:54 am من طرف يحي بن عيسى
» حول الدعوة إلى الله عز وجل
الإثنين نوفمبر 30, 2009 8:50 am من طرف أبو محسن
» مصطفى محمود: المرأة كتاب.. اقرأه بعقلك ولا تنظر لغلافه
الأحد نوفمبر 29, 2009 3:06 pm من طرف يحيى الاطرش
» عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير
الأحد نوفمبر 29, 2009 1:00 am من طرف خالد آل عبدالله
» مــــــــبـــــــــــاراة بريـــــــــــــــــــــئــــــــــــة
الجمعة نوفمبر 27, 2009 11:28 am من طرف أبو محسن
» هل نحن بحاجة إلى مراجعة فكرية لمنظومتنا التراثية؟
الأربعاء نوفمبر 25, 2009 12:44 pm من طرف يحيى الاطرش