المواضيع الأخيرة
سؤال مهم جدا في العقيدة.
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سؤال مهم جدا في العقيدة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الكرام بارك الله فيكم وبجهودكم المباركة ومناقشاتكم المفيدة جزاكم الله عنا كل خير.
لدي سؤال يؤرقني كثيرا وهو : ماهي أدلة الخلود في النار للعصاة ؟؟
وكيف يخلد العاصي في نار جهنم -أعاذنا الله منها جميعا- وقد عمل من الطاعات الكثير وشهد بالله تعالى رباً وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً. ومات وهو مخلص لله دينه، فكيف يخلد في النار لمجرد معصية كالكذب أو السرقة أوأكل مال اليتيم أو التهاون في الصلاة -مثلا - ويحشر في جهنم مع الكافرين أبد الآبدين؟؟
أرجو من أساتذتنا الكرام الجواب على سؤالي بالأدلة العقلية والنقلية جزاكم الله خيرا
والله يتولاكم بالأجر من عنده.
والسلام عليكم ورحمة الله.
إخوتي الكرام بارك الله فيكم وبجهودكم المباركة ومناقشاتكم المفيدة جزاكم الله عنا كل خير.
لدي سؤال يؤرقني كثيرا وهو : ماهي أدلة الخلود في النار للعصاة ؟؟
وكيف يخلد العاصي في نار جهنم -أعاذنا الله منها جميعا- وقد عمل من الطاعات الكثير وشهد بالله تعالى رباً وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً. ومات وهو مخلص لله دينه، فكيف يخلد في النار لمجرد معصية كالكذب أو السرقة أوأكل مال اليتيم أو التهاون في الصلاة -مثلا - ويحشر في جهنم مع الكافرين أبد الآبدين؟؟
أرجو من أساتذتنا الكرام الجواب على سؤالي بالأدلة العقلية والنقلية جزاكم الله خيرا
والله يتولاكم بالأجر من عنده.
والسلام عليكم ورحمة الله.
مصلح- عدد المساهمات : 10
تاريخ التسجيل : 07/09/2009
رد: سؤال مهم جدا في العقيدة.
[justify]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة سؤالك جد مهم فهو يحتاج إلى وقت ليستوفى حقه وريثما ييسر الله تعالى الوقت للدخول فيه وربما تكون في حلقات تعليمية في هذا المنتدى المبارك نرشد إلى كتابين تجد فيهما الإخوة ضالتهم وهما:
- "الحق الدامغ" لسماحة الشيخ أحمد الخليلي.
- "العلاج الرباني للمعصية" لبعض الإخوة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الحقيقة سؤالك جد مهم فهو يحتاج إلى وقت ليستوفى حقه وريثما ييسر الله تعالى الوقت للدخول فيه وربما تكون في حلقات تعليمية في هذا المنتدى المبارك نرشد إلى كتابين تجد فيهما الإخوة ضالتهم وهما:
- "الحق الدامغ" لسماحة الشيخ أحمد الخليلي.
- "العلاج الرباني للمعصية" لبعض الإخوة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو سعيد علي- عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 03/09/2009
رد: سؤال مهم جدا في العقيدة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي العزيز -كما تفضل الأخ أبوسعيد- فهذا الموضوع يحتاج إلى وقت للانطلاق من بعض المنطلقات التصورية التي توضح كثيرا من الأمور في التعامل مع الوحي، ثم الولوج في هذا الموضوع وتتبع جميع الإشكالات المطروحة، ولعلنا سنتطرق لذلك لما نتفرغ إن شاء الله تعالى.
لكن أود في هذه العجالة أن أضع بعض الإشارات في هذا الموضوع لعلك تنطلق منها للبحث أكثر وبالله التوفيق.
أخي العزيز السؤال المطروح ليس هو: ما هي أدلة الخلود للعصاة؟ وإنما ينبغي أن نطرح السؤال العكسي: ما هي أدلة خروج العصاة من النار؟ هذا لأننا لا نجد في القرآن هذه الفرضية أصلا، فرضية أن يدخل أحد النار ثم يخرج منها، وإنما نجد أن من دخل النار فهو خالد فيها ومن دخل الجنة فهو خالد فيها، وفي بعض الأحيان تأتي الآيات بصيغ تنسف هذا الاحتمال نسفا كقوله تعالى: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ" وقوله " قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ" ، وقوله تعالى : "وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ"، وغيرها من الآيات.
بل وبأكثر صراحة يحكي الله تعالى عن اليهود ادعائهم ذلك، وكيف أن ذلك الاعتقاد جرأهم على معصية الله تعالى، وختمها ببيان أن الخلود في النار ليس ظلما من الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" .
ولا أريد سرد الآيات التي تنص على الخلود صراحة في سياق الكفر وفي سياق المعاصي عموما على السواء، ودونك برامج البحث القرآني.
فإنْ كان مِنْ عاصٍ يدخل الجنة فسيدخلها مباشرة دون أيام في النار لأن هذا الاحتمال لم يشر الله تعالى إليه أصلا، لكن أنى لعاصٍ مصر على المعصية أن يدخل الجنة والله يقول: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".
أما تعجبك من أن يُحشَر المسلم مع الكافر فراجعٌ إلى عدم وضوح مصطلحي الكفر والإسلام، فهل الإسلام اعتراف بربوبية الله تعالى فقط؟، فإن كان هذا فجميع البشر معترفون بذلك " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ"، لكن الإسلام فهو الاعتراف بالعبودية لله تعالى، والاعتراف بالعبودية لله تعالى وحده معناها الانضباط التام لأوامر الله تعالى، والمعترِف الحق لا يحيد عن أوامر الله تعالى إلا عن جهالة تصيبه من تأثير شهوة أو هوى لكن سرعان ما يرجع إلى أصل إيمانه "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"، "نَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ" ، أما المصر على ذنب يعلم أن الله تعالى ينهى عنه ويتوعد فاعله، ويبيت الليل ويقوم النهار وهو مستمر على ذنبه دون توبة ولا ندم فأي عبودية هذه؟ وأي فرق بينه وبين من ألْهَته الدنيا عن أن يبحث عن دين الله تعالى، ولربما كان ذلك المسلم أشد إيذاء لعباد الله تعالى من ذلك الغافل الجاحد، فالله تعالى لا ينفعه اعترافنا له بالربوبية، وإنما المقصد من الإيمان الانصياع لأوامر الله تعالى ليعيش الناس حياة طيبة، ونحن نرى كيف أضحت الحياة مع المعاصي، أما أن يعتبر المسلم -اسما- أن اعترافه بربوبية الله مزيّة يمنّ بها على الله ويرجو من ورائها جزاء دون الانضباط المطلق لأوامر الله العزيز فذلك جهل بعزة وكبرياء الله تعالى.
أي ميزة لذلك المدعي للإسلام وقد قتل وسرق وزنى وهو مصر على ذلك مداوم له دون توبة ولا ندم -على ذلك الكافر الغافل الذي ألهته الحياة الدنيا أن يفكر فيمن خلقه؟ فكلاهما عاص الله تعالى.
ولما تقرأ القرآن وقصص الأنبياء مع أقوامهم لا تجد هذه البدعة المسماة المسلم العاصي، فالإنسان إما في معسكر التوحيد والإيمان والطاعة، وإما في معسكر الكفر والعصيان، وإما منافق يدعي الإيمان ويثقل عليه الانصياع لأوامر الله تعالى، فلتقرأ مثلا قصة الثلاثة الذين خلفوا في سورة التوبة، فما الذي فعلوه حتى يستحقوا كل ذلك، ألم يكونوا مؤمنين عصاة بمعصية واحدة؟! . استحقوا ذلك لأنه لم يكن هناك شيء يسمى المؤمن العاصي.
الأمر الأخير الذي أريد التنبيه إليه في هذه العجالة هو أنه على المؤمن أن يستسلم لأوامر الله تعالى، وألا تحدعه العواطف الجياشة! في غير محلها، فإن شفقتك على عاص مصر على ذنبه أن يكون أبد الآبدين في النار يمكن أن تمتد إلى غيره من الكفار، ألا يشفق قلبك على ذلك النصراني الذي يعتقد أن الله ثالث ثلاثة تقليدا لما وجد عليه أباه وأمه، وقد أفنى حياته في منظمة أطباء بلاحدود -مثلا- يجوب البلدان يساعد الفقراء ويداوي المرضى دون أجر، ألا تأخذك عليه شفقة؟! وربما ستأخذك شفقة عليه أكثر من ذلك المسلم الكسول الخمول الأناني العاصي المتعدي، المغرور بكلمات تلفظ بها تقليدا ولم يؤد حقوقها وفوق ذلك ينتظر من الله الجزاء العظيم!، لكن هيهات أن ينفع ذلك القول دون اختبار : "الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ".
" إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ"
" أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ".
وللموضوع عودة إن كان في العمر بقية، فمعذرة على الاختصار.
أخي العزيز -كما تفضل الأخ أبوسعيد- فهذا الموضوع يحتاج إلى وقت للانطلاق من بعض المنطلقات التصورية التي توضح كثيرا من الأمور في التعامل مع الوحي، ثم الولوج في هذا الموضوع وتتبع جميع الإشكالات المطروحة، ولعلنا سنتطرق لذلك لما نتفرغ إن شاء الله تعالى.
لكن أود في هذه العجالة أن أضع بعض الإشارات في هذا الموضوع لعلك تنطلق منها للبحث أكثر وبالله التوفيق.
أخي العزيز السؤال المطروح ليس هو: ما هي أدلة الخلود للعصاة؟ وإنما ينبغي أن نطرح السؤال العكسي: ما هي أدلة خروج العصاة من النار؟ هذا لأننا لا نجد في القرآن هذه الفرضية أصلا، فرضية أن يدخل أحد النار ثم يخرج منها، وإنما نجد أن من دخل النار فهو خالد فيها ومن دخل الجنة فهو خالد فيها، وفي بعض الأحيان تأتي الآيات بصيغ تنسف هذا الاحتمال نسفا كقوله تعالى: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ" وقوله " قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ" ، وقوله تعالى : "وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ"، وغيرها من الآيات.
بل وبأكثر صراحة يحكي الله تعالى عن اليهود ادعائهم ذلك، وكيف أن ذلك الاعتقاد جرأهم على معصية الله تعالى، وختمها ببيان أن الخلود في النار ليس ظلما من الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" .
ولا أريد سرد الآيات التي تنص على الخلود صراحة في سياق الكفر وفي سياق المعاصي عموما على السواء، ودونك برامج البحث القرآني.
فإنْ كان مِنْ عاصٍ يدخل الجنة فسيدخلها مباشرة دون أيام في النار لأن هذا الاحتمال لم يشر الله تعالى إليه أصلا، لكن أنى لعاصٍ مصر على المعصية أن يدخل الجنة والله يقول: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".
أما تعجبك من أن يُحشَر المسلم مع الكافر فراجعٌ إلى عدم وضوح مصطلحي الكفر والإسلام، فهل الإسلام اعتراف بربوبية الله تعالى فقط؟، فإن كان هذا فجميع البشر معترفون بذلك " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ"، لكن الإسلام فهو الاعتراف بالعبودية لله تعالى، والاعتراف بالعبودية لله تعالى وحده معناها الانضباط التام لأوامر الله تعالى، والمعترِف الحق لا يحيد عن أوامر الله تعالى إلا عن جهالة تصيبه من تأثير شهوة أو هوى لكن سرعان ما يرجع إلى أصل إيمانه "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"، "نَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ" ، أما المصر على ذنب يعلم أن الله تعالى ينهى عنه ويتوعد فاعله، ويبيت الليل ويقوم النهار وهو مستمر على ذنبه دون توبة ولا ندم فأي عبودية هذه؟ وأي فرق بينه وبين من ألْهَته الدنيا عن أن يبحث عن دين الله تعالى، ولربما كان ذلك المسلم أشد إيذاء لعباد الله تعالى من ذلك الغافل الجاحد، فالله تعالى لا ينفعه اعترافنا له بالربوبية، وإنما المقصد من الإيمان الانصياع لأوامر الله تعالى ليعيش الناس حياة طيبة، ونحن نرى كيف أضحت الحياة مع المعاصي، أما أن يعتبر المسلم -اسما- أن اعترافه بربوبية الله مزيّة يمنّ بها على الله ويرجو من ورائها جزاء دون الانضباط المطلق لأوامر الله العزيز فذلك جهل بعزة وكبرياء الله تعالى.
أي ميزة لذلك المدعي للإسلام وقد قتل وسرق وزنى وهو مصر على ذلك مداوم له دون توبة ولا ندم -على ذلك الكافر الغافل الذي ألهته الحياة الدنيا أن يفكر فيمن خلقه؟ فكلاهما عاص الله تعالى.
ولما تقرأ القرآن وقصص الأنبياء مع أقوامهم لا تجد هذه البدعة المسماة المسلم العاصي، فالإنسان إما في معسكر التوحيد والإيمان والطاعة، وإما في معسكر الكفر والعصيان، وإما منافق يدعي الإيمان ويثقل عليه الانصياع لأوامر الله تعالى، فلتقرأ مثلا قصة الثلاثة الذين خلفوا في سورة التوبة، فما الذي فعلوه حتى يستحقوا كل ذلك، ألم يكونوا مؤمنين عصاة بمعصية واحدة؟! . استحقوا ذلك لأنه لم يكن هناك شيء يسمى المؤمن العاصي.
الأمر الأخير الذي أريد التنبيه إليه في هذه العجالة هو أنه على المؤمن أن يستسلم لأوامر الله تعالى، وألا تحدعه العواطف الجياشة! في غير محلها، فإن شفقتك على عاص مصر على ذنبه أن يكون أبد الآبدين في النار يمكن أن تمتد إلى غيره من الكفار، ألا يشفق قلبك على ذلك النصراني الذي يعتقد أن الله ثالث ثلاثة تقليدا لما وجد عليه أباه وأمه، وقد أفنى حياته في منظمة أطباء بلاحدود -مثلا- يجوب البلدان يساعد الفقراء ويداوي المرضى دون أجر، ألا تأخذك عليه شفقة؟! وربما ستأخذك شفقة عليه أكثر من ذلك المسلم الكسول الخمول الأناني العاصي المتعدي، المغرور بكلمات تلفظ بها تقليدا ولم يؤد حقوقها وفوق ذلك ينتظر من الله الجزاء العظيم!، لكن هيهات أن ينفع ذلك القول دون اختبار : "الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ".
" إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ"
" أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ".
وللموضوع عودة إن كان في العمر بقية، فمعذرة على الاختصار.
أبونصر- مشرف
- عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
مواضيع مماثلة
» سؤال في الدعوة
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
» سؤال عن الحج في القرآن
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
» سؤال عن الحج في القرآن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد ديسمبر 06, 2009 12:36 am من طرف ياسر
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
الجمعة ديسمبر 04, 2009 8:42 am من طرف أبونصر
» صور إخواننا في الصين في عيد الأضحى
الخميس ديسمبر 03, 2009 7:58 am من طرف يحي بن عيسى
» الإمام غالب الهنائي في ذمة الله
الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 2:54 am من طرف يحي بن عيسى
» حول الدعوة إلى الله عز وجل
الإثنين نوفمبر 30, 2009 8:50 am من طرف أبو محسن
» مصطفى محمود: المرأة كتاب.. اقرأه بعقلك ولا تنظر لغلافه
الأحد نوفمبر 29, 2009 3:06 pm من طرف يحيى الاطرش
» عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير
الأحد نوفمبر 29, 2009 1:00 am من طرف خالد آل عبدالله
» مــــــــبـــــــــــاراة بريـــــــــــــــــــــئــــــــــــة
الجمعة نوفمبر 27, 2009 11:28 am من طرف أبو محسن
» هل نحن بحاجة إلى مراجعة فكرية لمنظومتنا التراثية؟
الأربعاء نوفمبر 25, 2009 12:44 pm من طرف يحيى الاطرش