المواضيع الأخيرة
الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
الفقه ضرورة لكن دون إسراف
الأحكام الفقهية مما تضخمت وتورّمت به الكتب منذ عهد قديم، ولا تزال دائرتها في اتساع.
يمكن لنا أن نتساءل: هل أصبحت تلك المقولات الفقهية والآراء -وحتى الأصول التي على ضوئها نستخرج الأحكام الشرعية- مرجعا وحيدا لواقعنا المعاصر وللمستجدات التي نعيشها؟
السؤال الثاني: ماهي رؤية الفقهاء للإنسان، هل مهمتهم أن يتعاملوا مع جانبه الترابي -فقط- فهذا حلال وهذا حرام، أم لابد من مراعاة الجانب الإنساني فيه (الجانب العاطفي الوجداني والذوقي وما يتصل بشقـّه الروحي)؟ فالملاحظ أن شريعة الإصر والأغلال عند أهل الكتاب كان منطلقها هذه النقطة.
- أظن أن الجواب للسؤال الأول أنه لكل عصر معطياته وآلياته لفهم النصوص، فيمكن الاتفاق على بعض الآليات -باعتبار أن فهم الناس أجمع على صحتها- وفي الحين نفسه لا يمكن القول بأنه ما ترك الأولون للآخرين شيئا. لأن هذا الكلام مردود ومهجور، ببساطة لأ الأولين هم بشر كسائر البشر، ومن الظلم لهم أن نقدسهم ونعصمهم عن الزلل أو ندعي لهم العلم المطلق والإحاطة بكل شيء، وسبحان من اتصف بهذه الأوصاف وحده. أما الإبداع فمجاله مفتوح ما دامت تلك الأصول والقواعد من اجتهاد العلماء الراسخين. ثم من الطبيعي أن يكون للراسخين في كل زمان نصيب من الإضافة لجهود السابقين: إبداعا واستثمارا للعقل والأدوات المعاصرة في فهم النص وفقه الواقع ومراعاة نفي الحرج على الناس في أيّ زمان ومكان.
- وبالنسبة للجواب على السؤال الثاني: فأظن أنه حري بالفقهاء أن يراجعوا أصول استنباطهم للأحكام وكذا خطابهم الفقهي للناس. فنفور الناس عن الدين ساهم فيه سآمتهم سماع الحديث عن هذا حلال وهذا حرام، وهذا واجب وذلك فرض وهذا مكروه وذلك إثم ومنكر..إلخ، فيحس المخاطب بأنك تخاطبه من برج عاجي، وأنك تخاطب فيه الجانب الجسدي والترابي فيه: بعيدا عن حاجته الإنسانية والعاطفية والروحية السامية التي تريد الارتقاء به فيرى نفسه مقيدا ومكبلا بسلاسل الحرام والمنكرات والمحظورات. ولا أقصد من كلامي: التحلل من الأوامر والنواهي والدعوة لتحكيم الأهواء والرغبات الدنيا، بل لابد من مراعاة التوازن في الخطاب وحتى في الاجتهاد. لأن الإنسان في الأخير ليس آلة بل هو خليط من مادة وروح -وهكذا أراده الله-، فالإفراط في جانب دون آخر وحتى التفريط في جانب دون آخر هو ظلم له وخلل في التوازن المطلوب وحياد عن الوسطية ورفع الحرج الذي ميّز الله به شريعة -محمد صلى الله عليه وسلم- الخاتمة والرحمة والمهيمنة على شرائع من قبلنا التي وصفها ربنا بأنها شريعة الإصر والأغلال والضنك.
وكخلاصة: كيف يكون الفقه أداة فعالة تسير جنبا إلى جنب مع الإنسان نحو الرضى والطمأنينة في الدنيا، وتمهد له الطريق للسعادة في الآخرة. حيث يجد الإنسان في دينه اليسر والطمأنينة بعيدا عن الحرج والعسر. إذ لم نطالب نحن في عصرنا أن نتقرب إلى الله بكل جزئية وردت من الفقهاء السابقين: لأنهم اجتهدوا بآلاتهم ووفق المعطيات التي عايشوها وهذا يعكس بشرية أحكامهم وفهمهم.
أما عن التأصيل للأحكام الفقهية فلابد من وقفة ومراجعة لكيفية الاجتهاد وعملية الاستنباط، وهذه المراجعة يجب أن تنطلق وتبدأ من التفرقة الجوهرية -والضرورية- بين ما يقوم به الرسول صلى الله عليه وسلم كبشر وبين ماهو تطبيق للشريعة، وكذا بين ماهو إلزامي وغير إلزامي، وأيضا بين أحكام مطلقة وبين ارتباط أحكام بحوادث ووقائع وأشخاص، وكذلك لابد من تفعيل مقاصد الشريعة -تفاديا للحرفية التجزيئية- وتطوير بعض الأصول التي تتميّز بها شريعتنا مثل: الأصل في الأشياء الإباحة إلا النص..
ولا أعتقد أن المسلم -العالم بأمر دينه- يعتقد أن حرارة الإيمان تزيد وتشتد بالتحريم والامتناع والزهد..
"سد الذرائع على المحك"
لماذا يُشهر الفقهاء، ومن على شاكلتهم: بهذا السلاح في وجوه الناس؟ هل سدّ الذرائع هو الحل المنهجي لضبط نوازع أنفسهم؟ وهل فعلا هو حل وقائيّ يقي الناس من الوقوع في الحرام؟ أم هو ترجمة لعجز وضعف الخطاب الفقهي -ومن يتناوله- عن الرقي بالناس إلى مستوى الإنسانية المكتملة والتي ميزتها أنها: قوية النفس ويقظِة الضمير وصاحبة القرار المسؤول؟
إشكالات لطالما راودتني وأعيتني تفكيرا وورودا مستمرا إلى الذهن، وأقولها بصدق أنني أحس بخلل في هاته القضية وكيفية التعاطي الصحيح معها.
الإنسان كائن مميّز، وليس آلة تتلقى الأوامر والنواهي باستمرار وروتينية دون ملل أو تفكير.. الإنسان عبارة عن عقل وروح ونفس وعواطف وشخصية تختلف عن شخصيات بني جنسه، فله أسلوبه في التفكير وله نظرته إلى الأشياء وله تراكمه المعرفي وتكوينه الاجتماعي الخاص به، ولذا فمن سماحة الإسلام أن الفتوى (إنزال الحكم الشرعي على الواقع) تتغير وتتبدل وفق المعطيات المتعددة والمختلفة.
والتسرع لحظر الناس عن أمور، وتحريمها عليهم سدا للذريعة (لغلبة الظن): هو أمر يفتقر إلى منهجية متوازنة ومدروسة للنهوض بالإنسان وبنائه بناءا قويا.
فتوضيح مقاصد الشريعة، وإشاعة روح الإسلام وشريعته المبنية في الأصل: على الإباحة، والرحمة في التشريع، لا على التحريم والمنع والإصر والأغلال والترهيب. وتكوين الإنسان وتفعيل ضميره (قوة التحكم في نفسه)، والرقي به إلى التخلق بالأخلاق الفاضلة والحس المدني والديني، هي أولويات يجب أن تراعى في الإنسان قبل استصدار الفتوى، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة توضيح المحرّمات بتعليل وتفسير، وتنبيهه إلى وجود حدود حمراء تضمن له سلامته وسلامة من وما حوله.
والله أعلم.
رد: الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
الأخ العزيز يحيى
شكرا لك على إثارة هذا الموضوع وأود إثراءه ببعض الملاحظات:
1- عملية الاجتهاد -كما تفضلت- ليست إلا فهما للنص على ضوء الواقع وإعمالا لقواعد الشرع على مستجدات الحوادث وقد أجاد الشاطبي حينما قال ما معناه: أن الحوادث التي تحدث في واقعنا وإن كانت شبيهة لتلك التي مر عليها أجدادنا فإن تغير عامل واحد فيها يجعلها حادثة مستجدة تتطلب نظرا جديدا واجتهادا جديدا. فالإبداع مطلوب بل واجب على من قدر حتى يحفظ للدين بريقه ولا يؤول إلى تطبيقات فقهية عقيمة في الواقع ترمز إلى التاريخ وتعجز عن مواكبة الحاضر. والمشكل في تناول عملية الاجتهاد من كثير من الباحثين هي قلة الزاد العلمي وعدم فهمهم أصلا لبعض الآلات الاجتهادية، أو عدم فهمهم لمصطلحات عصر من العصور ومثالا لذلك تلك الحملة التي شنها عبد الجواد ياسين على الشافعي لأنه قال: الاجتهاد القياس، واتهم الشافعي بحصر الاجتهاد كله في دليل القياس وهو ما لا يسلم له لن مصطلح القياس (إلحاق فرع لا نص فيه بأصل منصوص عليه لعلة جامعة) لم يكن موجودا حينها، وغاية الأمر أن القياس عند الشافعي يعني الرأي وهو الاجتهاد أي استنباط الأحكام في غير المنصوص عليه مطلقا.
فالأمر محتاج إلى فهم لتلك الآليات جيدا ثم فهم لنصوص الأصوليين فيها حتى تكون عملية التحليل صائبة مما ينتج نقدا في محله، فبعض الباحثين يركبون تيار مهاجمة الماضي بأي شيء يظنون ضالتهم فيه، حتى أصبحت هذه المهاجمة "مودا" الدراسات الأصولية وهو أمر جيد باعتبار محاولة التجديد ولكن كما أسلفت يحتاج الأمر إلى ترو وفهم دقيق لما كان موجودا.
2- الفقه ضرورة للمسلم كما الهواء للتنفس! لا يمكن أن يعيش مسلم حياة سوية في طاعة الرحمن وهو معرض عن الفقه أو معرض عن الذكر! ذلك أن الفقه هو القانون الإسلامي للحياة، به يتميز الحلال عن الحرام والمندوب عن المكروه والمباح، ولابد ان ينضوي أي فعل من أفعال المكلفين تحت واحد من الأحكام وكما قال الأصوليون لا تخلو حادثة من شرع.
ولا عيب أن يبحث المؤمن ليل نهار عن أحكام ما يأتيه وما يذره من أمور، ولكن المشكلة في هذا الفقه ما نوعه هل هو فقه قرآني رباني يراعي الثوابت والمتغيرات وينظر إلى الإنسان فردا من جهة ومن جهة أخرى جزءا من الأمة، ويراعي مقاصد الشارع في أحكامه.
أنا أدعو إلى التشديد أكثر في هذا الزمن بربط المسلم بأحكام الشرع، لأن الرابطة الدينية أقوى الروابط ولها الدور الفاعل في حياة الأمة، يعني مثلا أثناء العدوان الظالم على غزة لو جاء أحدهم يدعو الناس ليل نهار إلى نصرة غزة محببا لهم ذلك من باب الإنسانية وما إلى ذلك فإنه لا يمكنه أن يصل إلى غاية الاستجابة التي يحدثها قوله لهم: نصرة غزة واجب ومن استطاع نصرتها ولم يفعل فهو آثم عند الله!
في هذه النقطة تحديدا أدعو إلى البحث أكثر عما يجعل المكلف غير آبه بالأمر الإلهي الجازم.
3- سد الذرائع لا يبعد كثيرا عن تحقيق مقاصد الشريعة وهو أصل معتبر في القرآن الكريم (تلك حدود الله فلا تقربوها) (ولا تقربوا الزنا) فمقدمات الزنا لا تشكل أي خطر بحد ذاتها على الفرد وليس فيها اختلاط أنساب وليس فيها بحد ذاتها أي مضرة وقد يقترف أحدهم تلك المقدمات جميعا ولا يرتكب جريمة الزنا ولكن غلبة الظن في هذا الحال بتاديته إلى الزنا هو الذي حرم مقاربته.
فالمشكلة ليست في اعتبار سد الذرائع دليلا تبعيا تستنبط منه الأحكام فذلك متوافق مع مقاصد الشارع وحافظ للشريعة ومتناغم مع القواعد العامة للشريعة ولكن المعضلة في تطبيق هذا الدليل أي متى نقول إن غلبة الظن قد حصلت في تأدية هذا الفعل المباح إلى معصية، والمشكلة الأخرى هي التطور في رفع ذلك الحكم وإعادة الفعل المباح إلى إباحته الأصلية، فالنهي عن المقابر وقع من الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن عندما ارتفعت الذريعة التي اعتبرها في هذا الحكم -البعد عن الشرك- قال : (ألا فزوروها ولا تقولوا هجرا).
وغلبة الظن كافية في اعتبار الذريعة موقعة إلى المعصية ولا يطلب فيها اليقين لأن ذلك مستحيل، بل واقع القوانين البشرية يثبت ذلك، فسد الذريعة يبنى على غلبة الظن لتعذر اليقين فيه. وقد اعتبر الشارع غلبة الظن في الحدود والحقوق، فالشاهدان لا يعطيان يقينا والشهود الأربعة في الزنا لا يعطيان إلا ظنا غالبا وهكذا، فلا إنكار في اعتبار الظن في الأحكام عند غلبته والله أعلم.
4- الفقه منظومة جميلة جدا لها مداخل تشعرك بعزة الإسلام وأريحيته ويسره وتجعلك تشعر دائما بنعمة الله عليك إذ علمك ما لم تكن تعلم وبين لك الحلال من الحرام بما يحقق سعادتك في الدنيا ويوفر لك مصالحك النفسية والروحية وفي الوقت ذاته بتلك الأوامر والنواهي والتخييرات تدخل الجنة، سبحانك ربي ما أرحمك.
ولكن الواقع الفقهي تضرر كثيرا على مر التاريخ وذلك بعدم اهتمام الفقهاء بالإنسان من كل جوانب حياته ولعل بساطة الحياة وعدم تعقدها وبعض العوامل السياسية جعلت الفقهاء يهتمون أكثر بفقه العبادات والأسرة وربما جاوزوه إلى فقه المعاملات وإذا دخلوا في السياسة صاروا مبررين للواقع هاتفين بسلامة الملك أصلح الله شأنه!
فالجانب التربوي والجانب الاجتماعي والنفسي لللإنسان واجب الاعتبار والإمعان فيه في هذا العصر خصوصا بعد استقرار تلك العلوم وتطورها وتحقيق البشرية قفزات فيها، فهي وسائل لإدراة المجتمعات في هذا العصر وتحقيق التغيير فيها نحو أهداف معينة، وإذا كان أعداؤنا قد نجحوا في قلب مجتمعات وتغيير أنماط اجتماعية في المجتمعات الإسلامية عن بعد نظرا لتمكنهم من دراسة الشخصية المسلمة في تلك المجتمعات فإنه حري بالفقهاء والمجتهدين أن يولوا أهمية قصوى لعلوم النفس الإنسانية
شكرا لك على إثارة هذا الموضوع وأود إثراءه ببعض الملاحظات:
1- عملية الاجتهاد -كما تفضلت- ليست إلا فهما للنص على ضوء الواقع وإعمالا لقواعد الشرع على مستجدات الحوادث وقد أجاد الشاطبي حينما قال ما معناه: أن الحوادث التي تحدث في واقعنا وإن كانت شبيهة لتلك التي مر عليها أجدادنا فإن تغير عامل واحد فيها يجعلها حادثة مستجدة تتطلب نظرا جديدا واجتهادا جديدا. فالإبداع مطلوب بل واجب على من قدر حتى يحفظ للدين بريقه ولا يؤول إلى تطبيقات فقهية عقيمة في الواقع ترمز إلى التاريخ وتعجز عن مواكبة الحاضر. والمشكل في تناول عملية الاجتهاد من كثير من الباحثين هي قلة الزاد العلمي وعدم فهمهم أصلا لبعض الآلات الاجتهادية، أو عدم فهمهم لمصطلحات عصر من العصور ومثالا لذلك تلك الحملة التي شنها عبد الجواد ياسين على الشافعي لأنه قال: الاجتهاد القياس، واتهم الشافعي بحصر الاجتهاد كله في دليل القياس وهو ما لا يسلم له لن مصطلح القياس (إلحاق فرع لا نص فيه بأصل منصوص عليه لعلة جامعة) لم يكن موجودا حينها، وغاية الأمر أن القياس عند الشافعي يعني الرأي وهو الاجتهاد أي استنباط الأحكام في غير المنصوص عليه مطلقا.
فالأمر محتاج إلى فهم لتلك الآليات جيدا ثم فهم لنصوص الأصوليين فيها حتى تكون عملية التحليل صائبة مما ينتج نقدا في محله، فبعض الباحثين يركبون تيار مهاجمة الماضي بأي شيء يظنون ضالتهم فيه، حتى أصبحت هذه المهاجمة "مودا" الدراسات الأصولية وهو أمر جيد باعتبار محاولة التجديد ولكن كما أسلفت يحتاج الأمر إلى ترو وفهم دقيق لما كان موجودا.
2- الفقه ضرورة للمسلم كما الهواء للتنفس! لا يمكن أن يعيش مسلم حياة سوية في طاعة الرحمن وهو معرض عن الفقه أو معرض عن الذكر! ذلك أن الفقه هو القانون الإسلامي للحياة، به يتميز الحلال عن الحرام والمندوب عن المكروه والمباح، ولابد ان ينضوي أي فعل من أفعال المكلفين تحت واحد من الأحكام وكما قال الأصوليون لا تخلو حادثة من شرع.
ولا عيب أن يبحث المؤمن ليل نهار عن أحكام ما يأتيه وما يذره من أمور، ولكن المشكلة في هذا الفقه ما نوعه هل هو فقه قرآني رباني يراعي الثوابت والمتغيرات وينظر إلى الإنسان فردا من جهة ومن جهة أخرى جزءا من الأمة، ويراعي مقاصد الشارع في أحكامه.
أنا أدعو إلى التشديد أكثر في هذا الزمن بربط المسلم بأحكام الشرع، لأن الرابطة الدينية أقوى الروابط ولها الدور الفاعل في حياة الأمة، يعني مثلا أثناء العدوان الظالم على غزة لو جاء أحدهم يدعو الناس ليل نهار إلى نصرة غزة محببا لهم ذلك من باب الإنسانية وما إلى ذلك فإنه لا يمكنه أن يصل إلى غاية الاستجابة التي يحدثها قوله لهم: نصرة غزة واجب ومن استطاع نصرتها ولم يفعل فهو آثم عند الله!
في هذه النقطة تحديدا أدعو إلى البحث أكثر عما يجعل المكلف غير آبه بالأمر الإلهي الجازم.
3- سد الذرائع لا يبعد كثيرا عن تحقيق مقاصد الشريعة وهو أصل معتبر في القرآن الكريم (تلك حدود الله فلا تقربوها) (ولا تقربوا الزنا) فمقدمات الزنا لا تشكل أي خطر بحد ذاتها على الفرد وليس فيها اختلاط أنساب وليس فيها بحد ذاتها أي مضرة وقد يقترف أحدهم تلك المقدمات جميعا ولا يرتكب جريمة الزنا ولكن غلبة الظن في هذا الحال بتاديته إلى الزنا هو الذي حرم مقاربته.
فالمشكلة ليست في اعتبار سد الذرائع دليلا تبعيا تستنبط منه الأحكام فذلك متوافق مع مقاصد الشارع وحافظ للشريعة ومتناغم مع القواعد العامة للشريعة ولكن المعضلة في تطبيق هذا الدليل أي متى نقول إن غلبة الظن قد حصلت في تأدية هذا الفعل المباح إلى معصية، والمشكلة الأخرى هي التطور في رفع ذلك الحكم وإعادة الفعل المباح إلى إباحته الأصلية، فالنهي عن المقابر وقع من الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن عندما ارتفعت الذريعة التي اعتبرها في هذا الحكم -البعد عن الشرك- قال : (ألا فزوروها ولا تقولوا هجرا).
وغلبة الظن كافية في اعتبار الذريعة موقعة إلى المعصية ولا يطلب فيها اليقين لأن ذلك مستحيل، بل واقع القوانين البشرية يثبت ذلك، فسد الذريعة يبنى على غلبة الظن لتعذر اليقين فيه. وقد اعتبر الشارع غلبة الظن في الحدود والحقوق، فالشاهدان لا يعطيان يقينا والشهود الأربعة في الزنا لا يعطيان إلا ظنا غالبا وهكذا، فلا إنكار في اعتبار الظن في الأحكام عند غلبته والله أعلم.
4- الفقه منظومة جميلة جدا لها مداخل تشعرك بعزة الإسلام وأريحيته ويسره وتجعلك تشعر دائما بنعمة الله عليك إذ علمك ما لم تكن تعلم وبين لك الحلال من الحرام بما يحقق سعادتك في الدنيا ويوفر لك مصالحك النفسية والروحية وفي الوقت ذاته بتلك الأوامر والنواهي والتخييرات تدخل الجنة، سبحانك ربي ما أرحمك.
ولكن الواقع الفقهي تضرر كثيرا على مر التاريخ وذلك بعدم اهتمام الفقهاء بالإنسان من كل جوانب حياته ولعل بساطة الحياة وعدم تعقدها وبعض العوامل السياسية جعلت الفقهاء يهتمون أكثر بفقه العبادات والأسرة وربما جاوزوه إلى فقه المعاملات وإذا دخلوا في السياسة صاروا مبررين للواقع هاتفين بسلامة الملك أصلح الله شأنه!
فالجانب التربوي والجانب الاجتماعي والنفسي لللإنسان واجب الاعتبار والإمعان فيه في هذا العصر خصوصا بعد استقرار تلك العلوم وتطورها وتحقيق البشرية قفزات فيها، فهي وسائل لإدراة المجتمعات في هذا العصر وتحقيق التغيير فيها نحو أهداف معينة، وإذا كان أعداؤنا قد نجحوا في قلب مجتمعات وتغيير أنماط اجتماعية في المجتمعات الإسلامية عن بعد نظرا لتمكنهم من دراسة الشخصية المسلمة في تلك المجتمعات فإنه حري بالفقهاء والمجتهدين أن يولوا أهمية قصوى لعلوم النفس الإنسانية
صالح- مشرف
- عدد المساهمات : 59
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
أرجو جوابكم
أشكرك جزيلا أستاذ صالح على هذه البسطة العلمية الدقيقة
ولو تفضلتم فلي بعض الإشكالات على بعض ما ورد في حديثكم:
1- ضربتم مثالا على النحو التالي:
مثلا أثناء العدوان الظالم على غزة لو جاء أحدهم يدعو الناس ليل نهار إلى نصرة غزة محببا لهم ذلك من باب الإنسانية وما إلى ذلك فإنه لا يمكنه أن يصل إلى غاية الاستجابة التي يحدثها قوله لهم: نصرة غزة واجب ومن استطاع نصرتها ولم يفعل فهو آثم عند الله!
أقول:
ربما بالغت كثيرا أستاذ صالح في هذه النقطة: فعمّمت حكما تحتاج فيه إلى استقراء.. لا أرى صحة كل ما ذهبت إليه، فأنا أعرف أن فتوى الشيخ الخليلي في ذلك العدوان: أنْ جعل الجهاد فرض عين على كل مسلم.. لكن ما النتيجة يا ترى؟ هذا من جهة. ولا تنس من جهة أخرى، ربما تستطيع إضافة معطيات أخرى -حتى تحكم جيدا- وذلك من خلال حملة " جورج غالاوي " ودوافعها، وحتى من خلال السفن الأخرى التي نجحت في كسر الحصار.. هل كان وراءها فتوى من النوع الذي ذكرته؟
2- أتمنى بالمناسبة أن تكتب لنا نقدا موضوعيا لما يرد في كتابات بعض الباحثين -الذين لا يفقهون ما أشرت إليه- ولتأخذ لك على سبيل المثال: كتاب السلطة في الإسلام / عبد الجواد ياسين، الذي نقدت عليه فهمه للقياس عند الشافعي.. نرجو ذلك وبشغف علمي بالغ. فإلى متى نبقى ننثر شذرات هنا وهناك: دون أن نتشجع ونتقدّم للتصدّي لمثل هذه الكتابات بكتابات أشد عمقا وأكثر وضوحا وعلمية، حتى يتبين الغث من السمين، والحق من الزيف.. إن أيقنـّا بصحة ما عندنا وبطلان ما عند الآخر، والله الموفق.
3- ما رأيكم في هذه المقولة التي وردت في حصة الشريعة والحياة مع الدكتور: الأصولي والمفكر طه جابر العلواني، حول إصلاح التعليم الديني:
عبد الصمد ناصر: يعني إذا فهمنا هذا الكلام جيداً تقصد أنه حدث انفصام بين هذه العلوم وبين أصولها الدينية؟
طه جابر العلواني: للأسف الشديد أستطيع أن أقول إنها بعد أن بدأت في بعض مسائلها منبثقة عن النص عاملة على خدمته حوَّلت النص القرآني وصحيح السُنّة النبوية في كثير من الأحيان إلى شواهد بدلاً من أن تكون مصادر استنباط، فيأتي الفقيه وقد يُفتي في مسائل معينة أو يشرح أمور معينة باجتهاده وباستنباطه وبرأيه ثم يبحث عن الدليل ولعلي أضرب لهذا مثلاً ما رووه عن الإمام الشافعي رحمه الله وهو يحاول بيان حُجِّية الإجماع فاعترض عليه مُعترض ما دليلك من الكتاب والسُنّة على حُجّية الإجماع؟ فيُروى عن الإمام الشافعي أنه قال ذهبت وقرأت القرآن ثلاثة مرات كاملاً من الفاتحة إلى الناس حتى استطعتُ أن أصل إلى قول الله تعالى {ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وسَاءَتْ مَصِيراً} وبقطع النظر عن كيفية الاستدلال بهذا الدليل ومناقشته لكن القصة بكاملها تشير إلى أن الإمام قد قال قوله في الإجماع وأعلن حُجّية الإجماع ثم سئل عن الدليل فجاب بالدليل والشاهد وكذلك حين قال القائلون بحُجّية القياس وطولبوا بدليل جاؤوا بقول الله تعالى {هُوَ الَذِي أَخْرَجَ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} فأخذوا {فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} هذه وفسّروا الاعتبار بأنه أن يكون هناك أصل وأن يكون هناك فرع وأن يعمل المجتهد على إلحاق الفرع بالأصل إلى غير ذلك.. ذلك يعني أن الأدلة الشرعية التي كان يُفترض بهذه العلوم ألا يقال في أي جزئية من جزئياتها إلا استناداً إلى الدليل واستنباطاً منه حَوَّلت الدليل إلى مُساند لها ومُعرِّض أما هي فقد بدت لدى الكثيرين ولا أستطيع أن أعمم لدى الكثيرين تنشأ خارج النص وباجتهاد عقلي وباستنباط إنساني ثم تبحث عن السند والدليل من الكتاب الكريم ومن السُنّة النبوية وهذه ظاهرة خطيرة.
أتمنى جوابكم، وأنا في أمسّ الحاجة إلى الاستفادة مما حباكم الله به
وشكرا جزيلا.
ولو تفضلتم فلي بعض الإشكالات على بعض ما ورد في حديثكم:
1- ضربتم مثالا على النحو التالي:
مثلا أثناء العدوان الظالم على غزة لو جاء أحدهم يدعو الناس ليل نهار إلى نصرة غزة محببا لهم ذلك من باب الإنسانية وما إلى ذلك فإنه لا يمكنه أن يصل إلى غاية الاستجابة التي يحدثها قوله لهم: نصرة غزة واجب ومن استطاع نصرتها ولم يفعل فهو آثم عند الله!
أقول:
ربما بالغت كثيرا أستاذ صالح في هذه النقطة: فعمّمت حكما تحتاج فيه إلى استقراء.. لا أرى صحة كل ما ذهبت إليه، فأنا أعرف أن فتوى الشيخ الخليلي في ذلك العدوان: أنْ جعل الجهاد فرض عين على كل مسلم.. لكن ما النتيجة يا ترى؟ هذا من جهة. ولا تنس من جهة أخرى، ربما تستطيع إضافة معطيات أخرى -حتى تحكم جيدا- وذلك من خلال حملة " جورج غالاوي " ودوافعها، وحتى من خلال السفن الأخرى التي نجحت في كسر الحصار.. هل كان وراءها فتوى من النوع الذي ذكرته؟
2- أتمنى بالمناسبة أن تكتب لنا نقدا موضوعيا لما يرد في كتابات بعض الباحثين -الذين لا يفقهون ما أشرت إليه- ولتأخذ لك على سبيل المثال: كتاب السلطة في الإسلام / عبد الجواد ياسين، الذي نقدت عليه فهمه للقياس عند الشافعي.. نرجو ذلك وبشغف علمي بالغ. فإلى متى نبقى ننثر شذرات هنا وهناك: دون أن نتشجع ونتقدّم للتصدّي لمثل هذه الكتابات بكتابات أشد عمقا وأكثر وضوحا وعلمية، حتى يتبين الغث من السمين، والحق من الزيف.. إن أيقنـّا بصحة ما عندنا وبطلان ما عند الآخر، والله الموفق.
3- ما رأيكم في هذه المقولة التي وردت في حصة الشريعة والحياة مع الدكتور: الأصولي والمفكر طه جابر العلواني، حول إصلاح التعليم الديني:
عبد الصمد ناصر: يعني إذا فهمنا هذا الكلام جيداً تقصد أنه حدث انفصام بين هذه العلوم وبين أصولها الدينية؟
طه جابر العلواني: للأسف الشديد أستطيع أن أقول إنها بعد أن بدأت في بعض مسائلها منبثقة عن النص عاملة على خدمته حوَّلت النص القرآني وصحيح السُنّة النبوية في كثير من الأحيان إلى شواهد بدلاً من أن تكون مصادر استنباط، فيأتي الفقيه وقد يُفتي في مسائل معينة أو يشرح أمور معينة باجتهاده وباستنباطه وبرأيه ثم يبحث عن الدليل ولعلي أضرب لهذا مثلاً ما رووه عن الإمام الشافعي رحمه الله وهو يحاول بيان حُجِّية الإجماع فاعترض عليه مُعترض ما دليلك من الكتاب والسُنّة على حُجّية الإجماع؟ فيُروى عن الإمام الشافعي أنه قال ذهبت وقرأت القرآن ثلاثة مرات كاملاً من الفاتحة إلى الناس حتى استطعتُ أن أصل إلى قول الله تعالى {ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وسَاءَتْ مَصِيراً} وبقطع النظر عن كيفية الاستدلال بهذا الدليل ومناقشته لكن القصة بكاملها تشير إلى أن الإمام قد قال قوله في الإجماع وأعلن حُجّية الإجماع ثم سئل عن الدليل فجاب بالدليل والشاهد وكذلك حين قال القائلون بحُجّية القياس وطولبوا بدليل جاؤوا بقول الله تعالى {هُوَ الَذِي أَخْرَجَ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} فأخذوا {فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} هذه وفسّروا الاعتبار بأنه أن يكون هناك أصل وأن يكون هناك فرع وأن يعمل المجتهد على إلحاق الفرع بالأصل إلى غير ذلك.. ذلك يعني أن الأدلة الشرعية التي كان يُفترض بهذه العلوم ألا يقال في أي جزئية من جزئياتها إلا استناداً إلى الدليل واستنباطاً منه حَوَّلت الدليل إلى مُساند لها ومُعرِّض أما هي فقد بدت لدى الكثيرين ولا أستطيع أن أعمم لدى الكثيرين تنشأ خارج النص وباجتهاد عقلي وباستنباط إنساني ثم تبحث عن السند والدليل من الكتاب الكريم ومن السُنّة النبوية وهذه ظاهرة خطيرة.
أتمنى جوابكم، وأنا في أمسّ الحاجة إلى الاستفادة مما حباكم الله به
وشكرا جزيلا.
رد: الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ يحيى تقبل الله الصلاة والصيام والقيام
1- أي حكم هذا الذي عممته ؟! وما الكلام الذي قلته هناك إلا للتمثيل فلم أثبت ولم أنف أن أحدا قال ذلك. وطبعا الوجوب عندما يخلو من الإلزام الجزائي فإنه سيتحول تلقائيا في الواقع إلى مندوب، لذلك فالواجب لا يكفي بحد ذاته لحمل المكلف على تنفيذ المكلف به ولكن لابد من نقاء التصور.
وحالة الحرب على غزة والظروف المصاحبة لها تجعل جهد النصرة لا يصل إلى الجهاد فالواقع السياسي للدول المحيطة بغزة معلوم والشعوب معلومة حالها نسأل الله أن يرفع الظلم عن عباده المستصعفين.
2- عسى الله أن ييسر ذلك فالأمر محتاج إلى استفراغ الجهد ودراسة الموجود دراسة تمحيصية علمية دقيقة. فذلك أمل نسأل الله أن يوفقنا لتحقيقه.
3- نعم ذلك كلام مهم في واقعنا، لا أدري صحة ما ذكره الدكتور، ولكن نشاهد هذا في الواقع في الدراسات الجامعية، فالطالب يحدد النتائج التي يريد أن يصل إليها، ويرسم دائرة الخطوط الحمراء التي يجب أن لا يتجاوزها ثم ينطلق في البحث. وحتى لو لم يفعل ذلك فإن المجيزين للرسائل لديهم دائرة حمراء لا يقبلون المساس بها، فقد يقال للطالب: مهما كان فإن العلماء قد قالوا كذا وكذا.
هذه الظاهرة تضرب في عمق منهجية البحث العلمي، لذلك لا ترى مثلا دراسة في جامعة سلفية في المدينة المنورة مثلا يصل طالب فيها إلى إنكار الرؤية في الآخرة، أو عدم صحة المسح على الخفين، أو ما شابه ذلك من الخطوط الحمراء التي تتبناها المذاهب اليوم.
وهذا كله يؤكد حاجتنا إلى قراءة متأنية للإرث الفقهي والأصولي الذي تركه العلماء. دراسة متزنة دقيقة تفهم قبل أن تنقد، وتستقصي قبل أن تحكم.
وقد أصاب الدكتور في تمثيله بالإجماع الذي هو من أضعف الأدلة الأصولية نظرا لضعف دلالة ما يثبت حجيته، وبالرغم من ذلك ترى المنظومة السلفية تشهر بسيف التكفير لكل من يمس إجماعا من الإجماعات المروية.
الأخ يحيى تقبل الله الصلاة والصيام والقيام
1- أي حكم هذا الذي عممته ؟! وما الكلام الذي قلته هناك إلا للتمثيل فلم أثبت ولم أنف أن أحدا قال ذلك. وطبعا الوجوب عندما يخلو من الإلزام الجزائي فإنه سيتحول تلقائيا في الواقع إلى مندوب، لذلك فالواجب لا يكفي بحد ذاته لحمل المكلف على تنفيذ المكلف به ولكن لابد من نقاء التصور.
وحالة الحرب على غزة والظروف المصاحبة لها تجعل جهد النصرة لا يصل إلى الجهاد فالواقع السياسي للدول المحيطة بغزة معلوم والشعوب معلومة حالها نسأل الله أن يرفع الظلم عن عباده المستصعفين.
2- عسى الله أن ييسر ذلك فالأمر محتاج إلى استفراغ الجهد ودراسة الموجود دراسة تمحيصية علمية دقيقة. فذلك أمل نسأل الله أن يوفقنا لتحقيقه.
3- نعم ذلك كلام مهم في واقعنا، لا أدري صحة ما ذكره الدكتور، ولكن نشاهد هذا في الواقع في الدراسات الجامعية، فالطالب يحدد النتائج التي يريد أن يصل إليها، ويرسم دائرة الخطوط الحمراء التي يجب أن لا يتجاوزها ثم ينطلق في البحث. وحتى لو لم يفعل ذلك فإن المجيزين للرسائل لديهم دائرة حمراء لا يقبلون المساس بها، فقد يقال للطالب: مهما كان فإن العلماء قد قالوا كذا وكذا.
هذه الظاهرة تضرب في عمق منهجية البحث العلمي، لذلك لا ترى مثلا دراسة في جامعة سلفية في المدينة المنورة مثلا يصل طالب فيها إلى إنكار الرؤية في الآخرة، أو عدم صحة المسح على الخفين، أو ما شابه ذلك من الخطوط الحمراء التي تتبناها المذاهب اليوم.
وهذا كله يؤكد حاجتنا إلى قراءة متأنية للإرث الفقهي والأصولي الذي تركه العلماء. دراسة متزنة دقيقة تفهم قبل أن تنقد، وتستقصي قبل أن تحكم.
وقد أصاب الدكتور في تمثيله بالإجماع الذي هو من أضعف الأدلة الأصولية نظرا لضعف دلالة ما يثبت حجيته، وبالرغم من ذلك ترى المنظومة السلفية تشهر بسيف التكفير لكل من يمس إجماعا من الإجماعات المروية.
صالح- مشرف
- عدد المساهمات : 59
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
وجهة نظر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخواني الكرام.
وأشكر طارح الموضوع على أسئلته ومحاولته وضع مقاربة للإجابة، وأتصور أن مثل هذه الإشكالات العميقة لا يحلها إلا البحث العميق الاستقصائي الجامع بين مكنة في العلوم التراثية كالأصول والفقه واللغة والمنطق والعلوم الحديثة كعلم النفس والاجتماع والسياسة والفلسفة والقانون ودراسة النصوص...، فهذه الأدوات مهمة جدا لإلقاء الضوء على ذلك التراث الضخم الذي تداخلت فيه عقلية الإنسان مع تأثيرات محيطه الاجتماعي والسياسي، ولا يقوم بهذا العمل المتقن إلا مجلس للبحث يضم أساتذة من كل علم من تلك العلوم الإنسانية.
وبعض الدراسات المعاصرة حاولت جهدها للقيام بعمل نقدي مبني على آليات منهجية، ومن أولئك الأستاذ القاضي عبد الجواد ياسين، فقد قام بعملية نقدية من زاوية دراسة الخطاب ودراسة أثره على المنظومة الفكرية وهو أمر يتقنه بحكم تخصصه القانوني، ولقد سلط الضوء على نقطة محورية في التاريخ الإسلامي وهو عصر الإمام الشافعي.
ولا أتفق مع الأخ صالح في اعتباره أن الأستاذ عبد الجواد ياسين قد اخطأ في اعتباره أن الشافعي حصر الاجتهاد في القياس، لأن الاستاذ -في رأيي- كان يقصد التركيز المفرط للشافعي على آلية القياس في استنباط الاحكام بوصفه مصدرا، وهو الأمر الذي يلاحظ في كتاب الرسالة فلم يحد عن القياس -في سياق الاستنباط-إلا في النزر اليسير من المسائل، والشافعي هو المقنن الأول للقياس وقد وضع له شروطا ودلل على حجيته وناظر غيره في ذلك، رغم أنه لم يضع له الحد الاصطلاحي المعروف الآن، فمقولة الشافعي المشهورة" الاجتهاد القياس" والتي اختلف الباحثون في تأويليها -تدل مبدئيا على هيمنة القياس على العملية الاستنباطية عند الشافعي فهي من قبيل " الحج عرفة"، يقول الشافعي: "والعلم من وجهين: اتباعٌ واستنباط, والاتباع اتباع كتاب فإن لم فسنةٌ, فإن لم يكن فقول عامة من سلفنا لا نعلم له مخالفًا, فإن لم يكن فقياسٌ على كتاب الله عز وجل, فإن لم يكن فقياسٌ على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فقياسٌ على قول عامة سلفنا لا مخالف له, ولا يجوز القول إلا بالقياس وإذا قاس من له قياس فاختلفوا ومن كل أن يقول بمبلغ اجتهاده..."، رغم أن الاجتهاد يحوي كذلك أدوات التعامل مع النص وفهمه فالقياس عند الشافعي مهيمن تماما على العملية الاجتهادية بوصفه آلية لتوليد أحكام مسكوت عنها، وهو الأمر الذي يرى عبد الجواد ياسين ضيق من دائرة المباح المسكوت عنها في النص الخالص.
ورجاؤنا من الأخ صالح والأخ يحي أن يتحفونا بمقالات تناقش مدى حجية بعض الادلة الإجمالية كالإجماع وسد الذرائع والقياس ومدى التوسع فيه، وتلقي الضوء على بعض آليات التعامل مع النص المغيبة، ومناقشة دائرة المباح توسيعا وتضيقا.
بالتوفيق
وأشكر طارح الموضوع على أسئلته ومحاولته وضع مقاربة للإجابة، وأتصور أن مثل هذه الإشكالات العميقة لا يحلها إلا البحث العميق الاستقصائي الجامع بين مكنة في العلوم التراثية كالأصول والفقه واللغة والمنطق والعلوم الحديثة كعلم النفس والاجتماع والسياسة والفلسفة والقانون ودراسة النصوص...، فهذه الأدوات مهمة جدا لإلقاء الضوء على ذلك التراث الضخم الذي تداخلت فيه عقلية الإنسان مع تأثيرات محيطه الاجتماعي والسياسي، ولا يقوم بهذا العمل المتقن إلا مجلس للبحث يضم أساتذة من كل علم من تلك العلوم الإنسانية.
وبعض الدراسات المعاصرة حاولت جهدها للقيام بعمل نقدي مبني على آليات منهجية، ومن أولئك الأستاذ القاضي عبد الجواد ياسين، فقد قام بعملية نقدية من زاوية دراسة الخطاب ودراسة أثره على المنظومة الفكرية وهو أمر يتقنه بحكم تخصصه القانوني، ولقد سلط الضوء على نقطة محورية في التاريخ الإسلامي وهو عصر الإمام الشافعي.
ولا أتفق مع الأخ صالح في اعتباره أن الأستاذ عبد الجواد ياسين قد اخطأ في اعتباره أن الشافعي حصر الاجتهاد في القياس، لأن الاستاذ -في رأيي- كان يقصد التركيز المفرط للشافعي على آلية القياس في استنباط الاحكام بوصفه مصدرا، وهو الأمر الذي يلاحظ في كتاب الرسالة فلم يحد عن القياس -في سياق الاستنباط-إلا في النزر اليسير من المسائل، والشافعي هو المقنن الأول للقياس وقد وضع له شروطا ودلل على حجيته وناظر غيره في ذلك، رغم أنه لم يضع له الحد الاصطلاحي المعروف الآن، فمقولة الشافعي المشهورة" الاجتهاد القياس" والتي اختلف الباحثون في تأويليها -تدل مبدئيا على هيمنة القياس على العملية الاستنباطية عند الشافعي فهي من قبيل " الحج عرفة"، يقول الشافعي: "والعلم من وجهين: اتباعٌ واستنباط, والاتباع اتباع كتاب فإن لم فسنةٌ, فإن لم يكن فقول عامة من سلفنا لا نعلم له مخالفًا, فإن لم يكن فقياسٌ على كتاب الله عز وجل, فإن لم يكن فقياسٌ على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فقياسٌ على قول عامة سلفنا لا مخالف له, ولا يجوز القول إلا بالقياس وإذا قاس من له قياس فاختلفوا ومن كل أن يقول بمبلغ اجتهاده..."، رغم أن الاجتهاد يحوي كذلك أدوات التعامل مع النص وفهمه فالقياس عند الشافعي مهيمن تماما على العملية الاجتهادية بوصفه آلية لتوليد أحكام مسكوت عنها، وهو الأمر الذي يرى عبد الجواد ياسين ضيق من دائرة المباح المسكوت عنها في النص الخالص.
ورجاؤنا من الأخ صالح والأخ يحي أن يتحفونا بمقالات تناقش مدى حجية بعض الادلة الإجمالية كالإجماع وسد الذرائع والقياس ومدى التوسع فيه، وتلقي الضوء على بعض آليات التعامل مع النص المغيبة، ومناقشة دائرة المباح توسيعا وتضيقا.
بالتوفيق
أبونصر- مشرف
- عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
رد: الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
السلام عليكمأبونصر كتب:ورجاؤنا من الأخ صالح والأخ يحي أن يتحفونا بمقالات تناقش مدى حجية بعض الادلة الإجمالية كالإجماع وسد الذرائع والقياس ومدى التوسع فيه، وتلقي الضوء على بعض آليات التعامل مع النص المغيبة، ومناقشة دائرة المباح توسيعا وتضيقا.
بالتوفيق
فيما يخص حجيّة بعض الأدلّة الإجتهادية، توجد رسالة دكتراه مفصّلة في هذا الموضوع، أرى أنّها حَرِيّة بالإطّلاع وها هو عنوانها:
"الأدلة الاجتهادية بين الغلو والإنكار "دراسة نقدية لأدلة الأدلة فى المذاهب الإسلامية"
للدكتور صلاح سلطان.
بية الاطرش- عدد المساهمات : 18
تاريخ التسجيل : 05/09/2009
رد: الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
مشكورة أختي الكريمة
وياليتنا نحظى بنسخة إلكترونية من تلك الرسالة، أو على الأقل أهم النتائج التي خلص البحث إليها.
ولا أعرف كيف ناقش تلك الأدلة!!!، لأن للدكتور كتاب رد فيه على الدكتور مصطفى محمود حول موضوع الشفاعة بطريقة ....
وياليتنا نحظى بنسخة إلكترونية من تلك الرسالة، أو على الأقل أهم النتائج التي خلص البحث إليها.
ولا أعرف كيف ناقش تلك الأدلة!!!، لأن للدكتور كتاب رد فيه على الدكتور مصطفى محمود حول موضوع الشفاعة بطريقة ....
أبونصر- مشرف
- عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
رد: الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
الأخ أبو نصر
السلام عليكم
في الحقيقة علِمتُ مؤخّرا أنّ الدكتور كان من بين الذين كتبوا ردودا على كتاب الشفاعة لمصطفى محمود. لكن مع ذلك فقد وجدت مناقشته لموضوع حجية الإجماع مهمة حين طالعت رسالته في وقت مضى.
حسب علمي فلا توجد نسخة الكترونية لهذا الكتاب فهو عبارة عن مجلّد جُمعت فيه خمسة كتب.
اعتمد الكاتب في هذا البحث على العديد من كتب العلماء من شتى المذاهب – من بينهم الإباضية- وعَمِدَ إلى سَرْد آرائهم وأدلّتهم ثم مناقشتها. كما قام بتخريج الأحاديث التي يُستدلّ بها في هذا الموضوع ومعرفة صحتها من ضعفها.
أنقل هنا بعض ما جاء في التمهيد للفصل الأوّل من الكتاب وهو يتحدّث عن حجية الإجماع. النقاط التي ذكرها في هذا التقديم تعتبر أهمّ ما توصّل إليه من نتائج في هذا الموضوع وتلخّص الجوانب التي تحدّث عنها.
يقول:
" ...لاحظت أنّ علماء الأصول يستدلون بنصوص على حجية الإجماع، بينما لا يوجد مفسّر أو محدّث يستدلّ بها على حجيته، ووجدت تصحيحا لأحاديث مع الزعم أنّها مشهورة مثل: "لا تجتمع أمتي على خطأ" بينما لا يوجد حديث مثل هذا لدى علماء الحديث، كما وجدت شروطا توضع للإجماع تُحيله إلى صورة تجريدية منها: اشتراط نُطق كلّ مجتهد بالموافقة، وضرورة موافقة جميع مجتهدي الأمة في الأرض كلّها، ولم يثبت تاريخيا أن هناك إحصاءا علميا لهؤلاء المجتهدين الذين لا يدخل معهم غيرهم، واشتراط انقراض العصر وهو أمر خيالي يجعل الإجماع مستحيلا فعلا. وفي إطار التجريد والتنظير والغلو: قيل إنّ القضايا التي أُجمع عليها بطريق الإجتهاد لا يجوز إعادة النظر فيها...
كما تمّ ادّعاء الإجماع على قضايا قطعية ولم يثبت حدوث نقاش حولها واجتماع كي يصدر قرار بالإجماع، لأنّها أحكام قطعية بالنص لا تحتاج إلى الإعتضاد بإجماع أو غيره..
والإجماعات الخاصة مثل: إجماع أهل المدينة وإجماع الخلفاء الأربعة أو العترة، لا تثبت أدلّتها عند التحقيق العلمي على حجيتها..
وناقشت النصوص الواردة على ألسنة بعض علماء الأصول تفيد بتقديم الإجماع على النص أو تساويهما أو بنسخ الإجماع للنص أو يخصصه أو يُؤوّل النص ليوافق ما أجمعوا عليه...وهي عبارات أقل ما يُقال فيها إنّها موهمة..
وأردت أيضا أن نعود من الغلو في حجية الإجماع إلى جعله دليلا عمليا بتحديد صفات المجتهدين ثم يجتمع من تيسّر منهم –بعد بذل أقصى الجهد في معرفة آرائهم- ثمّ يصدر القرار الفقهي بالأغلبية أو الإجماع فيكون حجة في الحالتين من باب تحقيق الشورى التي أمر الله تعالى بها دون تكلّف الأدلة على حجية هذا الإجماع بنصوص تُضعف من فاعليته..."
أرجو أن يكون هذا النقل مفيدا.
وأعتذر إن كان فيه خروجا عن الموضوع.
السلام عليكم
في الحقيقة علِمتُ مؤخّرا أنّ الدكتور كان من بين الذين كتبوا ردودا على كتاب الشفاعة لمصطفى محمود. لكن مع ذلك فقد وجدت مناقشته لموضوع حجية الإجماع مهمة حين طالعت رسالته في وقت مضى.
حسب علمي فلا توجد نسخة الكترونية لهذا الكتاب فهو عبارة عن مجلّد جُمعت فيه خمسة كتب.
اعتمد الكاتب في هذا البحث على العديد من كتب العلماء من شتى المذاهب – من بينهم الإباضية- وعَمِدَ إلى سَرْد آرائهم وأدلّتهم ثم مناقشتها. كما قام بتخريج الأحاديث التي يُستدلّ بها في هذا الموضوع ومعرفة صحتها من ضعفها.
أنقل هنا بعض ما جاء في التمهيد للفصل الأوّل من الكتاب وهو يتحدّث عن حجية الإجماع. النقاط التي ذكرها في هذا التقديم تعتبر أهمّ ما توصّل إليه من نتائج في هذا الموضوع وتلخّص الجوانب التي تحدّث عنها.
يقول:
" ...لاحظت أنّ علماء الأصول يستدلون بنصوص على حجية الإجماع، بينما لا يوجد مفسّر أو محدّث يستدلّ بها على حجيته، ووجدت تصحيحا لأحاديث مع الزعم أنّها مشهورة مثل: "لا تجتمع أمتي على خطأ" بينما لا يوجد حديث مثل هذا لدى علماء الحديث، كما وجدت شروطا توضع للإجماع تُحيله إلى صورة تجريدية منها: اشتراط نُطق كلّ مجتهد بالموافقة، وضرورة موافقة جميع مجتهدي الأمة في الأرض كلّها، ولم يثبت تاريخيا أن هناك إحصاءا علميا لهؤلاء المجتهدين الذين لا يدخل معهم غيرهم، واشتراط انقراض العصر وهو أمر خيالي يجعل الإجماع مستحيلا فعلا. وفي إطار التجريد والتنظير والغلو: قيل إنّ القضايا التي أُجمع عليها بطريق الإجتهاد لا يجوز إعادة النظر فيها...
كما تمّ ادّعاء الإجماع على قضايا قطعية ولم يثبت حدوث نقاش حولها واجتماع كي يصدر قرار بالإجماع، لأنّها أحكام قطعية بالنص لا تحتاج إلى الإعتضاد بإجماع أو غيره..
والإجماعات الخاصة مثل: إجماع أهل المدينة وإجماع الخلفاء الأربعة أو العترة، لا تثبت أدلّتها عند التحقيق العلمي على حجيتها..
وناقشت النصوص الواردة على ألسنة بعض علماء الأصول تفيد بتقديم الإجماع على النص أو تساويهما أو بنسخ الإجماع للنص أو يخصصه أو يُؤوّل النص ليوافق ما أجمعوا عليه...وهي عبارات أقل ما يُقال فيها إنّها موهمة..
وأردت أيضا أن نعود من الغلو في حجية الإجماع إلى جعله دليلا عمليا بتحديد صفات المجتهدين ثم يجتمع من تيسّر منهم –بعد بذل أقصى الجهد في معرفة آرائهم- ثمّ يصدر القرار الفقهي بالأغلبية أو الإجماع فيكون حجة في الحالتين من باب تحقيق الشورى التي أمر الله تعالى بها دون تكلّف الأدلة على حجية هذا الإجماع بنصوص تُضعف من فاعليته..."
أرجو أن يكون هذا النقل مفيدا.
وأعتذر إن كان فيه خروجا عن الموضوع.
بية الاطرش- عدد المساهمات : 18
تاريخ التسجيل : 05/09/2009
رد: الخطاب الفقهي.. نقطة نظام!
جزاك الله خيرا.
خلاصة ممتازة، وربما تدل على أنها دراسة عميقة لتلك الأدلة، والإجماع يعتبر من أضعف الأدلة الإجمالية حجيةً، فقد استند إلى آية غير قاطعة الدلالة على الإجماع، واستند إلى حديث آحادي مختلف في صحته ودلالته، وفوق ذلك وقع تحكُّم في تحديد معناه.
ورغم كون الشروط الموضوعة لانعقاده تحيل عادة وواقعا وقوعه- إلا إنه حاضر بقوة في كتب الفقهاء إما بالاستدلال به دليلا أو في وعي الفقيه، ففي ذاكرة كثير من علماء أهل السنة أن "أهل البدع والأهواء" لا تعتبر أقوالهم ولا اجتهاداتهم، فلو اتفق أهل السنة على قول اعتبر من الحجية بمكان بحيث يمكن تفسيق مخالفه، وليس عنا ببعيد الحكم ببطلان الصلاة خلف الإباضية وغير ذلك، ولا يبعد أن يكون كثيرا من الإجماعات الواردة من هذا النوع.
فإشكالية الإجماع تكمن في الادعاء بأنه حجة ثابتة عبر العصور كالنص المقدس، ولا يخفى أنه قد استغل هذا الأمر سياسيا، فروي الإجماع مثلا على عدم الخروج على الحاكم ولو فعل ما فعل إلا أن يكفر صراحة!.
فلو اعتبر الإجماع من باب توحيد الفتوى والشورى، والتي هي حجة على أهل ذلك العصر لكان الأمر مستساغا، وهذا الأمر يناقش الآن تحت ما يسمى بتقنين الشريعة في قوانين تكون ملزمة لكل العلماء الواقعين تحت سلطة ذلك القانون.
ولا أدري أي حجية يقصد الكاتب في هذه العبارة، أهي حجية الدليل الدائمة أم حجية القانون والشورى المؤقتة:
"بتحديد صفات المجتهدين ثم يجتمع من تيسّر منهم –بعد بذل أقصى الجهد في معرفة آرائهم- ثمّ يصدر القرار الفقهي بالأغلبية أو الإجماع فيكون حجة في الحالتين من باب تحقيق الشورى التي أمر الله تعالى بها"
بالتوفيق
خلاصة ممتازة، وربما تدل على أنها دراسة عميقة لتلك الأدلة، والإجماع يعتبر من أضعف الأدلة الإجمالية حجيةً، فقد استند إلى آية غير قاطعة الدلالة على الإجماع، واستند إلى حديث آحادي مختلف في صحته ودلالته، وفوق ذلك وقع تحكُّم في تحديد معناه.
ورغم كون الشروط الموضوعة لانعقاده تحيل عادة وواقعا وقوعه- إلا إنه حاضر بقوة في كتب الفقهاء إما بالاستدلال به دليلا أو في وعي الفقيه، ففي ذاكرة كثير من علماء أهل السنة أن "أهل البدع والأهواء" لا تعتبر أقوالهم ولا اجتهاداتهم، فلو اتفق أهل السنة على قول اعتبر من الحجية بمكان بحيث يمكن تفسيق مخالفه، وليس عنا ببعيد الحكم ببطلان الصلاة خلف الإباضية وغير ذلك، ولا يبعد أن يكون كثيرا من الإجماعات الواردة من هذا النوع.
فإشكالية الإجماع تكمن في الادعاء بأنه حجة ثابتة عبر العصور كالنص المقدس، ولا يخفى أنه قد استغل هذا الأمر سياسيا، فروي الإجماع مثلا على عدم الخروج على الحاكم ولو فعل ما فعل إلا أن يكفر صراحة!.
فلو اعتبر الإجماع من باب توحيد الفتوى والشورى، والتي هي حجة على أهل ذلك العصر لكان الأمر مستساغا، وهذا الأمر يناقش الآن تحت ما يسمى بتقنين الشريعة في قوانين تكون ملزمة لكل العلماء الواقعين تحت سلطة ذلك القانون.
ولا أدري أي حجية يقصد الكاتب في هذه العبارة، أهي حجية الدليل الدائمة أم حجية القانون والشورى المؤقتة:
"بتحديد صفات المجتهدين ثم يجتمع من تيسّر منهم –بعد بذل أقصى الجهد في معرفة آرائهم- ثمّ يصدر القرار الفقهي بالأغلبية أو الإجماع فيكون حجة في الحالتين من باب تحقيق الشورى التي أمر الله تعالى بها"
بالتوفيق
أبونصر- مشرف
- عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
مواضيع مماثلة
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
» الإسلام هو القرآن وحده آراء وأفكار
» إطلالة على عالَم الشهيد شريعتي (1)
» الإسلام هو القرآن وحده آراء وأفكار
» إطلالة على عالَم الشهيد شريعتي (1)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد ديسمبر 06, 2009 12:36 am من طرف ياسر
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
الجمعة ديسمبر 04, 2009 8:42 am من طرف أبونصر
» صور إخواننا في الصين في عيد الأضحى
الخميس ديسمبر 03, 2009 7:58 am من طرف يحي بن عيسى
» الإمام غالب الهنائي في ذمة الله
الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 2:54 am من طرف يحي بن عيسى
» حول الدعوة إلى الله عز وجل
الإثنين نوفمبر 30, 2009 8:50 am من طرف أبو محسن
» مصطفى محمود: المرأة كتاب.. اقرأه بعقلك ولا تنظر لغلافه
الأحد نوفمبر 29, 2009 3:06 pm من طرف يحيى الاطرش
» عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير
الأحد نوفمبر 29, 2009 1:00 am من طرف خالد آل عبدالله
» مــــــــبـــــــــــاراة بريـــــــــــــــــــــئــــــــــــة
الجمعة نوفمبر 27, 2009 11:28 am من طرف أبو محسن
» هل نحن بحاجة إلى مراجعة فكرية لمنظومتنا التراثية؟
الأربعاء نوفمبر 25, 2009 12:44 pm من طرف يحيى الاطرش