المواضيع الأخيرة
الولاية و البراءة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الولاية و البراءة
[center]الولاية والبراءة
معنى الولاية والبراءة:
1. الولاية لله، أي طاعة أوامره، وتجنب نواهيه، وهناك من ناحية أخرى ولاية الله للمؤمنين، والتي تفسر بأنها هدايته لهم، ودعم وحماية من الله لهم.
2. البراءة من الكفر والشيطان وأعوانه.
الولاية لجميع المسلمين بوجه عام (ولاية الجملة)، وبالمقابل البراءة من جميع الكفار بوجه عام (براءة قال صاحب القواعد: الولاية في اللغة القرب، مأخوذة من ولاية أمر اليتيم، وهو القيام بأمره والاهتمام بمصالحه، وهذا هو معنى ولاية الله لأوليائه، يقول الله تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)، أي ناصرهم ومتولي أمورهم وحافظهم. والولاية في الشريعة هي إيجاب الترحم والاستغفار للمسلمين. وقيل هي المحبة بالقلب والثناء بالسان، والنصر والإعانة بالجوارح عند القدرة، وقيل هي المودة والمصافاة، وقيل هي أن تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك في هذه الحياة الدنيا والآخرة.
أما البراءة فمعناها في اللغة البعد عن الشيء والخروج منه، ومعناها في الشرع البغض بالقلب والشتم باللسان، والردع بالجوارح، وقيل هي المنابذة والعداوة وقيل التبري من العدو وحدثه، واعتقاد بغضه. والولاية والبراءة ضدان، لا يجتمعان في شخص واحد في حال واحد.
والعبارة الثالثة التي تتعلق بالولاية والبراءة هي الوقوف، وهو الامتناع عن إصدار حكم بالولاية أو البراءة حتى يصبح المرء على يقين في حكمه بأحدهما.
وتعنى الولاية عند بعض العلماء التوافق في الدين بين القول والعمل، والشخص الذي يستحق الولاية هو ذلك الذي يكون مطيعا لله الطاعة الكاملة، ويتصف بجميع الصفات الصالحة، ويتم جميع الواجبات الدينية، والامتناع عن المحرمات، ويقول الشيخ السالمي أن التوافق اللفظي كاف لاستحقاق الولاية، فالله سبحانه وتعالى يقول (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف، فبايعهن واستغفر لهن الله، إن الله غفور رحيم)، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لهؤلاء النساء دون أن ينتظر ليرى أعمالهن.
ولنظام الولاية والبراءة ناحيتان أساسيتان: أولاهما تنسجم مع الاعتقاد بوحدانية الله (التوحيد)، التي لا يمكن أن تكون كاملة بدون الإيمان بالأسس التالية:
3. الجملة).
4. الولاية للمعصومين، وللمنصوص عليهم في القرآن الكريم بأنهم من أهل الجنة. وبالمقابل البراءة من أهل الوعيد الذين نص عليهم في القرآن الكريم، كفرعون وهامان.
والوجه الثاني هو أن الولاية والبراءة تشكلان جزءا من الحقوق المتبادلة بين المؤمنين، ويعد الذين يتجاهلون هذا الواجب الإلزامي أو يهملونه منافقين.
حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)
والمستحق للمحبة هو الله وحده، ومن أحب غير الله فذلك لجهله وقصوره في معرفته لله تعالى، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم محمود لأنه أثر عن حب الله تعالى، وكذلك حب الأولياء والأتقياء، لأن محبوب المحبوب محبوب. وكل ذلك يرجع إلى حب الأصل، فلا يتجاوزه إلى غيره، فلا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى، ولا يستحق المحبة سواه.
وحب الله تعالى يكون باتباع هديه، والسير على طريقه، والعبادة له حق العبادة بإخلاص وخشوع، ودون رياء أو عجب. وارتضاء أوامره، والتسليم لها والانقياد والإذعان لجميع أحكامه، وعدم عصيانه في شيء أبدا.
وحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فرع لحب الله تعالى، فهو صلى الله عليه وسلم حبيب الرحمن، وقد اختاره ليكون مبلغا لشرعه في الأرض، وهو صفوة خلقه، وخاتم رسله. وله فضل هداية الخلق إلى طريق الحق والسعادة، الدنيوية والأخروية، وقد بذل في ذلك نفسه وجسمه وكل ما يملك، وله فضل رحمته ومحبته لهم وغيرته وحرجه عليهم، وغيرها من الفضائل الكثيرة. وقد وجب عليهم أن يؤمنوا به وبرسالته، وأن تلهج ألسنتهم بالثناء عليه وبالصلاة عليه، وأن تتحرك إرادتهم لأتباعه والاقتداء به.
محبة الآخرين:
إن أصل التعامل مع الغير يكون بالحسنى وبالمحبة. والشعور بالمحبة نحو الآخرين أصل ترجع إليه مكارم خلقية كثيرة، كالتعاون وإرادة الخير، والمشاركة الوجدانية في السراء والضراء، وأن يحب لهم مثلما يحب لنفسه، وأن يعاملهم بمثل الذي يحب أن يعاملوه.
إن شعور الإنسان بمحبته للناس اتجاه كريم نحو الارتباط بالجماعة، والاندماج فيها، ومشاركتها في السراء والضراء، وهو انطلاق من مواقع الأنانية الضيقة، فهي الوجه المشرق للقلوب والنفوس. أما الكراهية فهي انعزال مقيت في مواقع الأنانية الضيقة، وهو الوجه السمج المخيف المظلم القاتم للقلوب والنفوس.
ومن شأن الشعور بالمحبة نحو الآخرين أن يورث السلامة من كثير من الأمراض الخلقية الخبيثة، كالحسد، والأثرة، والبغضاء، والشحناء، والغيبة، والنميمة، وإرادة الشر والضر بالناس، والظلم والعدوان، وغير ذلك من رذائل
ما أجمل الحياة بالمحبة، وما أقبحها بالكراهية، إن المحبة لتسعد صاحبها قبل أن تسعد الآخرين. أما الكراهية فإنها تشقي صاحبها قبل أن تمس نارها الآخرين. المحبة يرافقها في النفوس طمأنينة وقناعة ورضى، أما الكراهية فيرافقها قلق واضطراب، ومطامع ثائرة، وسخط مستمر على الواقع، ولذلك جعل الإسلام هذه المحبة عنصرا من عناصر الإيمان، أو ثمرة من ثمراته، فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله (ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وقال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)، والله سبحانه وتعالى يقول (إنما المؤمنون أخوة)، لذلك من صدق إيمانه أحب جميع إخوانه المؤمنين.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم (ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا عليه)، وفي الحديث الآخر يقول الله عز وجل (حقّت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ).
فن التعامل مع الآخر:
إن الأصل في خلق المسلم الذي يعامل به جميع عباد الله، هو خلق المحبة، لا خلق الكراهية، فالمسلم المؤمن شرق القلب دائما، منفتح القلب لكل عباد الله، ويريد الخير لكل عباد الله. لذلك تجده محبوبا من الجميع، وتجد أن تصرفاته نفسها داعية إلى سبيل الله، وتجده يؤثر في الجميع بتصرفاته الحكيمة المتزنة. فهو بشوش طليق الوجه، لا يحمل حقدا ولا حسدا على أحد.
وإذا أبغض أو كره فإنما يبغض ويكره الشر والرذيلة والفساد والباطل، لأن حبه للحق والصلاح والفضيلة والخير يستلزم حتما أن يكره ويبغض أضدادها، وحينما يلتزم أحد عباد الله هذه الأمور ويدعو إليها وينصرها، ويسلك سبيلها، فإن حب المسلم له يدفعه أولا إلى هدايته لإنقاذه من جحيم هذه الأمور، ثم يدفعه إلى محاولة إخراجه منها ولو باستخدام بعض وسائل العنف التي قد توقظ فكره وضميره لتقبل الحق والخير والفضيلة والصلاح، فإذا هو أصر وعاند فقد أعلن باختياره أنه من جنود الشر والباطل، فاستحق أن يعامل بالكراهية والبغض. والمسلم حينما ينظر إلى هؤلاء فإنه إنما ينظر إليهم كما ينظر الطبيب الناصح إلى المريض المصاب بالأمراض الوبائية الخطيرة، فهو لا يدع وسيلة من الوسائل التي تيسر سبل شفائهم إلا ويستخدمها.
معنى المحبة:
ومن المؤسف أن نجد خلطا كبيرا عند كثير من الناس في معنى المحبة نفسها، فكثير منهم يفسرها بأنها هي تلك العواطف التي ينبغي لها أن تثور عند لقيا الحبيب، فهي ليست عندهم إلا مجرد انفعالات في النفس شبيهة بأمر الغرام والهيام، وحاشا للإسلام أن يأمر بذلك ويجعله أسا للتعامل بين البشر.
ولتوضيح ذلك أضرب لكم هذه القصة التي ذكرها بعض مشايخ علم، تبين لنا مدى خطورة ذالكم التأثير السيئ الذي تخلفه تلك الانفعالات الجياشة في النفس عند الذي يتصور أن حقيقة المحبة في تلكم العواطف, يقول جاءني طالب يشتكي ويقول بأنه قد صدت نفسه عن الدراسة وأنه لا يدري لما هذا الصدود. يقول الشيخ ولما بحثت معه وجدت أن سبب ذلك كله أنه يحب شخصا في الله!!!
غير أن محبة صاحبنا مختلفة عن المعهود, فهو لا يرتاح ولا يقر له قرار إذا لم يرى صاحبه, بل يكاد يمرض فضلا عن صدوده عن الدراسة أو حتى عن الحياة كلها. ويقول إني أرى جسمه يختلف عن أجسام البشر ولربما حسبته من الملائكة.
فانظروا كيف أن صاحبنا فسر المحبة في الله بتلك العواطف الجياشة, ثم انظروا إلى المآل التي ساقته إليه تلك العواطف. ولعمر الحق إن هذا مرض ينبغي محاربته وهو موجود للأسف لدى كثير من شباب الاستقامة وإن كانت تتفاوت درجته بينهم, غير أنك ترى كثيرا من تصرفاتهم التي لا تعود إلا إلى عدم فهمهم الصحيح لحقيقة المحبة في الله, وقد جعل بعضهم ما يفهمونه من تلك المحبة مقياسا لعلاقته بالله.
كما أن البعض يتصور أن المحبة هي في السعي لإرضاء من تحب في كل ما يشتهي ويهوى، ولو كان ذلك سيجلب له ولغيره شرا كبيرا، وضرا عظيما، فهذه المحبة الجاهلة للولد مثلا، سوف تدفع صاحبها إلى إهمال تربيته، شفقة عليه أو سرورا به، فينطلق الولد في تربية أهواء نفسه، حتى تجعله يتمادى في الشر والإثم والعياذ بالله.
وسبق لنا أن بينا معنى المحبة والولاية في الله، ومنها إضمار الحب له بالجنان، وإعلان الترحم والاستغفار باللسان، وفي الحديث (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كالجسد، إن اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، ويقول الله تعالى في وصف المؤمنين (رحماء بينهم).
ومنها أيضا القيام بالحقوق الواجبة على الإنسان اتجاه أخيه، وأذكر هنا طائفة من هذه الحقوق:
1. قضاء الحاجات والقيام بها، وذلك درجات أدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، مع البشاشة والاستبشار.
2. ينبغي عليه أن يسكت عن كل ما يكرهه، إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهي عن منكر، ولم يجد رخصة في السكوت.
3. عليه أن يتودد إليه بلسانه، ويتفقده في أحواله، ويسأل عما عرض له، ويظهر له شغل قلبه بسببه، ويبدي له السرور بما يسره.
4. الدعاء للأخ في حياته وبعد موته، بكل ما تدعو به لنفسك.
5. الوفاء له، حتى بعد موته، وقد أكرم النبي صلى الله عليه وسلم عجوزا وقال (إنها كانت تغشانا في أيام خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان).
6. أن لا يكلف أخاه بما يشق عليه.
7. وعليه أن ينصر إخوانه قولا وفعلا، وألا يخذلهم،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو السلم، لا يخونه، ولا يكذبه، ويخذله).
8. وعليه أن يتشبه بهم، ويقتدي بأحسن أخلاقهم، وأن يكثر سوادهم.
استقلالية الشخصية:
إن الإسلام يسعى إلى أن يميز بين حزبين: حزب الله وحزب الشيطان، يقول الله تعالى عن الحزب الأول (ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا، فإن حزب الله هم الغالبون)، ويقول عن الحزب الثاني (استحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون).
وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالاعتزاز بصلتهم بالله والرسول والمؤمنين، يقول الله تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون)، وهذه العزة هي حقيقة الموالاة لهم، ولذلك أيضا سعى الإسلام إلى أن يكون أتباعه، سواء بالمنظور الفردي أو بمنظور الأمة ككل، على استقلالية تامة في كل شيء، استقلالية في التصور والاعتقاد، استقلالية في العبادات والشعائر، استقلالية في السلوك والأخلاق، استقلالية في المعاملات والتصرف، استقلالية في المظهر والمخبر. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يكرر لأصحابه (خالفوا اليهود، خالفوا المشركين...)، وذلك حتى في مسألة الوقوف عند دفن الميت، فأمرهم بالجلوس هنا، لكي لا يكونوا تبعا لغيرهم، حتى في أبسط الأمور وأسهلها.
ولذلك أجدني مستغربا مما لا يرى بأسا في التخلي عن كثير من مميزات الشخصية الإسلامية، فلكم رأينا من النداءات الداعية إلى حلق اللحية، وخلع العمامة التي جاءت بها السنة، وما سبب هذا سوى الانبهار بما عند الغير، ونبذ ما عليه المؤمنون، والسعي إلى تمييع مميزات شخصياتهم.
ولم يقف الأمر عند المظهر والملبس، بل تجاوزه إلى أمور كثيرة، منها:
1. تقديم التأريخ الميلادي بدل التأريخ الهجري في الدول الإسلامية.
2. جعلت القومية العربية بدل الإسلام
3. قلد المسلمون الغرب في كل شيء، في مناهجهم التعليمية، وبرامجهم الإعلامية، ومناهجهم الاقتصادية والسياسية.
4. تعظيم التماثيل، الذي أمر الإسلام باحتقارها، ومن ذلك افتخار المسلمين بالفراعنة
5. تأثر المسلمين بلغة الكفار، فجعلوا يدخلون كثيرا من مصطلحاتها في لغتهم اليومية
6. تدخل هذا الغازي للمسلمين نفسه حتى في تحوير تفسير القرآن الكريم.
وقد حذر الله سبحانه وتعالى من هذا التقليد أيما تحذير، فقال سبحانه (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده، فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين)، على أن تتبع خطى هؤلاء، والاسترسال في ذلك، قد يؤدي بالإنسان إلى الإلحاد والخروج من دين الله، فهؤلاء لا يرضيهم إلى ذلك يقول الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم).
مجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عندما يطبق المسلمون مبدأ الولاية والبراءة، فيتوادون ويتحابون في الله، ويكونون بمثابة الشخصية الواحدة، فإنهم سيكونون قوة في وجه أعدائهم، وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله)، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من الصفات اللازمة لهم.
والله سبحانه وتعالى يقول (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر، يوادون من حاد الله ورسوله، ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)، ويقول الله سبحانه (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)، ومن المعلوم أن أصل الولاية والبراءة هو الترجمة العملية لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لذلك فإن مبدأ الولاية والبراءة، هو الوسيلة الناجعة لبناء مجتمع فاضل، تسوده المحبة في الله، ويربطه التعاون في سبيل المصلحة العامة، ابتغاء ما عند الله، مجتمع لا تربط بينه المصالح المادية الدنيوية، والمنافع المتبادلة، فتركن به إلى أن يرى الشر فيصمت، أو الانحراف فيشيح بوجه، أو الرذيلة فيتجاهلها، لأن الراضي بالشيء كفاعله، ولأن الشر إذا بدأ بفرد واحد استشرى منه إلى المجتمع كله.
وهذا المبدأ هو ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقول (من رأينا فيه خيرا، وظننا فيه خيرا، قلنا فيه خيرا وتوليناه، ومن رأينا فيه شرا، وظننا فيه شرا، قلنا فيه شرا وتبرأنا منه).
ولك أخي المسلم أن تتصور أن هذا المبدأ قد طبق في واقع المسلمين اليوم، الذي هم ملاين لا تخيف أحدا، لو طبقوا هذا المبدأ القرآني تطبيقا عمليا، بينهم وفي تعاملهم مع أعدائهم، لأعادوا إلى المجتمع الإسلامي عزته وسطوته وتضامنه، ولاحترمهم أعدائهم أنفسهم، لأن تطبيق هذا الأصل يعبر عن الاعتزاز بالنفس والثقة بها، وهذا الاعتزاز وهذه الثقة، لا ينبغي إلا أن تبنى على شريعة الله وحدها، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).
المصادر:
1. قواعد الإسلام للشيخ الجيطالي.
2. دراسات عن الإباضية للدكتور عمرو خليفة النامي
3. منهج الدعوة عند الإباضية للدكتور محمد صالح ناصر
4. الأخلاق الإسلامية وأسسها للشيخ عبد الرحمن جبنكة
5. مختصر منهاج القاصدين للشيخ ابن قدامة المقدسي
6. محاضرة الانحراف الفكري للشيخ أحمد الخليلي
معنى الولاية والبراءة:
1. الولاية لله، أي طاعة أوامره، وتجنب نواهيه، وهناك من ناحية أخرى ولاية الله للمؤمنين، والتي تفسر بأنها هدايته لهم، ودعم وحماية من الله لهم.
2. البراءة من الكفر والشيطان وأعوانه.
الولاية لجميع المسلمين بوجه عام (ولاية الجملة)، وبالمقابل البراءة من جميع الكفار بوجه عام (براءة قال صاحب القواعد: الولاية في اللغة القرب، مأخوذة من ولاية أمر اليتيم، وهو القيام بأمره والاهتمام بمصالحه، وهذا هو معنى ولاية الله لأوليائه، يقول الله تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)، أي ناصرهم ومتولي أمورهم وحافظهم. والولاية في الشريعة هي إيجاب الترحم والاستغفار للمسلمين. وقيل هي المحبة بالقلب والثناء بالسان، والنصر والإعانة بالجوارح عند القدرة، وقيل هي المودة والمصافاة، وقيل هي أن تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك في هذه الحياة الدنيا والآخرة.
أما البراءة فمعناها في اللغة البعد عن الشيء والخروج منه، ومعناها في الشرع البغض بالقلب والشتم باللسان، والردع بالجوارح، وقيل هي المنابذة والعداوة وقيل التبري من العدو وحدثه، واعتقاد بغضه. والولاية والبراءة ضدان، لا يجتمعان في شخص واحد في حال واحد.
والعبارة الثالثة التي تتعلق بالولاية والبراءة هي الوقوف، وهو الامتناع عن إصدار حكم بالولاية أو البراءة حتى يصبح المرء على يقين في حكمه بأحدهما.
وتعنى الولاية عند بعض العلماء التوافق في الدين بين القول والعمل، والشخص الذي يستحق الولاية هو ذلك الذي يكون مطيعا لله الطاعة الكاملة، ويتصف بجميع الصفات الصالحة، ويتم جميع الواجبات الدينية، والامتناع عن المحرمات، ويقول الشيخ السالمي أن التوافق اللفظي كاف لاستحقاق الولاية، فالله سبحانه وتعالى يقول (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف، فبايعهن واستغفر لهن الله، إن الله غفور رحيم)، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لهؤلاء النساء دون أن ينتظر ليرى أعمالهن.
ولنظام الولاية والبراءة ناحيتان أساسيتان: أولاهما تنسجم مع الاعتقاد بوحدانية الله (التوحيد)، التي لا يمكن أن تكون كاملة بدون الإيمان بالأسس التالية:
3. الجملة).
4. الولاية للمعصومين، وللمنصوص عليهم في القرآن الكريم بأنهم من أهل الجنة. وبالمقابل البراءة من أهل الوعيد الذين نص عليهم في القرآن الكريم، كفرعون وهامان.
والوجه الثاني هو أن الولاية والبراءة تشكلان جزءا من الحقوق المتبادلة بين المؤمنين، ويعد الذين يتجاهلون هذا الواجب الإلزامي أو يهملونه منافقين.
حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)
والمستحق للمحبة هو الله وحده، ومن أحب غير الله فذلك لجهله وقصوره في معرفته لله تعالى، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم محمود لأنه أثر عن حب الله تعالى، وكذلك حب الأولياء والأتقياء، لأن محبوب المحبوب محبوب. وكل ذلك يرجع إلى حب الأصل، فلا يتجاوزه إلى غيره، فلا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى، ولا يستحق المحبة سواه.
وحب الله تعالى يكون باتباع هديه، والسير على طريقه، والعبادة له حق العبادة بإخلاص وخشوع، ودون رياء أو عجب. وارتضاء أوامره، والتسليم لها والانقياد والإذعان لجميع أحكامه، وعدم عصيانه في شيء أبدا.
وحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فرع لحب الله تعالى، فهو صلى الله عليه وسلم حبيب الرحمن، وقد اختاره ليكون مبلغا لشرعه في الأرض، وهو صفوة خلقه، وخاتم رسله. وله فضل هداية الخلق إلى طريق الحق والسعادة، الدنيوية والأخروية، وقد بذل في ذلك نفسه وجسمه وكل ما يملك، وله فضل رحمته ومحبته لهم وغيرته وحرجه عليهم، وغيرها من الفضائل الكثيرة. وقد وجب عليهم أن يؤمنوا به وبرسالته، وأن تلهج ألسنتهم بالثناء عليه وبالصلاة عليه، وأن تتحرك إرادتهم لأتباعه والاقتداء به.
محبة الآخرين:
إن أصل التعامل مع الغير يكون بالحسنى وبالمحبة. والشعور بالمحبة نحو الآخرين أصل ترجع إليه مكارم خلقية كثيرة، كالتعاون وإرادة الخير، والمشاركة الوجدانية في السراء والضراء، وأن يحب لهم مثلما يحب لنفسه، وأن يعاملهم بمثل الذي يحب أن يعاملوه.
إن شعور الإنسان بمحبته للناس اتجاه كريم نحو الارتباط بالجماعة، والاندماج فيها، ومشاركتها في السراء والضراء، وهو انطلاق من مواقع الأنانية الضيقة، فهي الوجه المشرق للقلوب والنفوس. أما الكراهية فهي انعزال مقيت في مواقع الأنانية الضيقة، وهو الوجه السمج المخيف المظلم القاتم للقلوب والنفوس.
ومن شأن الشعور بالمحبة نحو الآخرين أن يورث السلامة من كثير من الأمراض الخلقية الخبيثة، كالحسد، والأثرة، والبغضاء، والشحناء، والغيبة، والنميمة، وإرادة الشر والضر بالناس، والظلم والعدوان، وغير ذلك من رذائل
ما أجمل الحياة بالمحبة، وما أقبحها بالكراهية، إن المحبة لتسعد صاحبها قبل أن تسعد الآخرين. أما الكراهية فإنها تشقي صاحبها قبل أن تمس نارها الآخرين. المحبة يرافقها في النفوس طمأنينة وقناعة ورضى، أما الكراهية فيرافقها قلق واضطراب، ومطامع ثائرة، وسخط مستمر على الواقع، ولذلك جعل الإسلام هذه المحبة عنصرا من عناصر الإيمان، أو ثمرة من ثمراته، فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله (ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وقال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)، والله سبحانه وتعالى يقول (إنما المؤمنون أخوة)، لذلك من صدق إيمانه أحب جميع إخوانه المؤمنين.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم (ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا عليه)، وفي الحديث الآخر يقول الله عز وجل (حقّت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ).
فن التعامل مع الآخر:
إن الأصل في خلق المسلم الذي يعامل به جميع عباد الله، هو خلق المحبة، لا خلق الكراهية، فالمسلم المؤمن شرق القلب دائما، منفتح القلب لكل عباد الله، ويريد الخير لكل عباد الله. لذلك تجده محبوبا من الجميع، وتجد أن تصرفاته نفسها داعية إلى سبيل الله، وتجده يؤثر في الجميع بتصرفاته الحكيمة المتزنة. فهو بشوش طليق الوجه، لا يحمل حقدا ولا حسدا على أحد.
وإذا أبغض أو كره فإنما يبغض ويكره الشر والرذيلة والفساد والباطل، لأن حبه للحق والصلاح والفضيلة والخير يستلزم حتما أن يكره ويبغض أضدادها، وحينما يلتزم أحد عباد الله هذه الأمور ويدعو إليها وينصرها، ويسلك سبيلها، فإن حب المسلم له يدفعه أولا إلى هدايته لإنقاذه من جحيم هذه الأمور، ثم يدفعه إلى محاولة إخراجه منها ولو باستخدام بعض وسائل العنف التي قد توقظ فكره وضميره لتقبل الحق والخير والفضيلة والصلاح، فإذا هو أصر وعاند فقد أعلن باختياره أنه من جنود الشر والباطل، فاستحق أن يعامل بالكراهية والبغض. والمسلم حينما ينظر إلى هؤلاء فإنه إنما ينظر إليهم كما ينظر الطبيب الناصح إلى المريض المصاب بالأمراض الوبائية الخطيرة، فهو لا يدع وسيلة من الوسائل التي تيسر سبل شفائهم إلا ويستخدمها.
معنى المحبة:
ومن المؤسف أن نجد خلطا كبيرا عند كثير من الناس في معنى المحبة نفسها، فكثير منهم يفسرها بأنها هي تلك العواطف التي ينبغي لها أن تثور عند لقيا الحبيب، فهي ليست عندهم إلا مجرد انفعالات في النفس شبيهة بأمر الغرام والهيام، وحاشا للإسلام أن يأمر بذلك ويجعله أسا للتعامل بين البشر.
ولتوضيح ذلك أضرب لكم هذه القصة التي ذكرها بعض مشايخ علم، تبين لنا مدى خطورة ذالكم التأثير السيئ الذي تخلفه تلك الانفعالات الجياشة في النفس عند الذي يتصور أن حقيقة المحبة في تلكم العواطف, يقول جاءني طالب يشتكي ويقول بأنه قد صدت نفسه عن الدراسة وأنه لا يدري لما هذا الصدود. يقول الشيخ ولما بحثت معه وجدت أن سبب ذلك كله أنه يحب شخصا في الله!!!
غير أن محبة صاحبنا مختلفة عن المعهود, فهو لا يرتاح ولا يقر له قرار إذا لم يرى صاحبه, بل يكاد يمرض فضلا عن صدوده عن الدراسة أو حتى عن الحياة كلها. ويقول إني أرى جسمه يختلف عن أجسام البشر ولربما حسبته من الملائكة.
فانظروا كيف أن صاحبنا فسر المحبة في الله بتلك العواطف الجياشة, ثم انظروا إلى المآل التي ساقته إليه تلك العواطف. ولعمر الحق إن هذا مرض ينبغي محاربته وهو موجود للأسف لدى كثير من شباب الاستقامة وإن كانت تتفاوت درجته بينهم, غير أنك ترى كثيرا من تصرفاتهم التي لا تعود إلا إلى عدم فهمهم الصحيح لحقيقة المحبة في الله, وقد جعل بعضهم ما يفهمونه من تلك المحبة مقياسا لعلاقته بالله.
كما أن البعض يتصور أن المحبة هي في السعي لإرضاء من تحب في كل ما يشتهي ويهوى، ولو كان ذلك سيجلب له ولغيره شرا كبيرا، وضرا عظيما، فهذه المحبة الجاهلة للولد مثلا، سوف تدفع صاحبها إلى إهمال تربيته، شفقة عليه أو سرورا به، فينطلق الولد في تربية أهواء نفسه، حتى تجعله يتمادى في الشر والإثم والعياذ بالله.
وسبق لنا أن بينا معنى المحبة والولاية في الله، ومنها إضمار الحب له بالجنان، وإعلان الترحم والاستغفار باللسان، وفي الحديث (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كالجسد، إن اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، ويقول الله تعالى في وصف المؤمنين (رحماء بينهم).
ومنها أيضا القيام بالحقوق الواجبة على الإنسان اتجاه أخيه، وأذكر هنا طائفة من هذه الحقوق:
1. قضاء الحاجات والقيام بها، وذلك درجات أدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، مع البشاشة والاستبشار.
2. ينبغي عليه أن يسكت عن كل ما يكرهه، إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهي عن منكر، ولم يجد رخصة في السكوت.
3. عليه أن يتودد إليه بلسانه، ويتفقده في أحواله، ويسأل عما عرض له، ويظهر له شغل قلبه بسببه، ويبدي له السرور بما يسره.
4. الدعاء للأخ في حياته وبعد موته، بكل ما تدعو به لنفسك.
5. الوفاء له، حتى بعد موته، وقد أكرم النبي صلى الله عليه وسلم عجوزا وقال (إنها كانت تغشانا في أيام خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان).
6. أن لا يكلف أخاه بما يشق عليه.
7. وعليه أن ينصر إخوانه قولا وفعلا، وألا يخذلهم،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو السلم، لا يخونه، ولا يكذبه، ويخذله).
8. وعليه أن يتشبه بهم، ويقتدي بأحسن أخلاقهم، وأن يكثر سوادهم.
استقلالية الشخصية:
إن الإسلام يسعى إلى أن يميز بين حزبين: حزب الله وحزب الشيطان، يقول الله تعالى عن الحزب الأول (ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا، فإن حزب الله هم الغالبون)، ويقول عن الحزب الثاني (استحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله، أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون).
وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالاعتزاز بصلتهم بالله والرسول والمؤمنين، يقول الله تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون)، وهذه العزة هي حقيقة الموالاة لهم، ولذلك أيضا سعى الإسلام إلى أن يكون أتباعه، سواء بالمنظور الفردي أو بمنظور الأمة ككل، على استقلالية تامة في كل شيء، استقلالية في التصور والاعتقاد، استقلالية في العبادات والشعائر، استقلالية في السلوك والأخلاق، استقلالية في المعاملات والتصرف، استقلالية في المظهر والمخبر. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يكرر لأصحابه (خالفوا اليهود، خالفوا المشركين...)، وذلك حتى في مسألة الوقوف عند دفن الميت، فأمرهم بالجلوس هنا، لكي لا يكونوا تبعا لغيرهم، حتى في أبسط الأمور وأسهلها.
ولذلك أجدني مستغربا مما لا يرى بأسا في التخلي عن كثير من مميزات الشخصية الإسلامية، فلكم رأينا من النداءات الداعية إلى حلق اللحية، وخلع العمامة التي جاءت بها السنة، وما سبب هذا سوى الانبهار بما عند الغير، ونبذ ما عليه المؤمنون، والسعي إلى تمييع مميزات شخصياتهم.
ولم يقف الأمر عند المظهر والملبس، بل تجاوزه إلى أمور كثيرة، منها:
1. تقديم التأريخ الميلادي بدل التأريخ الهجري في الدول الإسلامية.
2. جعلت القومية العربية بدل الإسلام
3. قلد المسلمون الغرب في كل شيء، في مناهجهم التعليمية، وبرامجهم الإعلامية، ومناهجهم الاقتصادية والسياسية.
4. تعظيم التماثيل، الذي أمر الإسلام باحتقارها، ومن ذلك افتخار المسلمين بالفراعنة
5. تأثر المسلمين بلغة الكفار، فجعلوا يدخلون كثيرا من مصطلحاتها في لغتهم اليومية
6. تدخل هذا الغازي للمسلمين نفسه حتى في تحوير تفسير القرآن الكريم.
وقد حذر الله سبحانه وتعالى من هذا التقليد أيما تحذير، فقال سبحانه (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده، فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين)، على أن تتبع خطى هؤلاء، والاسترسال في ذلك، قد يؤدي بالإنسان إلى الإلحاد والخروج من دين الله، فهؤلاء لا يرضيهم إلى ذلك يقول الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم).
مجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عندما يطبق المسلمون مبدأ الولاية والبراءة، فيتوادون ويتحابون في الله، ويكونون بمثابة الشخصية الواحدة، فإنهم سيكونون قوة في وجه أعدائهم، وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله)، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من الصفات اللازمة لهم.
والله سبحانه وتعالى يقول (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر، يوادون من حاد الله ورسوله، ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)، ويقول الله سبحانه (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)، ومن المعلوم أن أصل الولاية والبراءة هو الترجمة العملية لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لذلك فإن مبدأ الولاية والبراءة، هو الوسيلة الناجعة لبناء مجتمع فاضل، تسوده المحبة في الله، ويربطه التعاون في سبيل المصلحة العامة، ابتغاء ما عند الله، مجتمع لا تربط بينه المصالح المادية الدنيوية، والمنافع المتبادلة، فتركن به إلى أن يرى الشر فيصمت، أو الانحراف فيشيح بوجه، أو الرذيلة فيتجاهلها، لأن الراضي بالشيء كفاعله، ولأن الشر إذا بدأ بفرد واحد استشرى منه إلى المجتمع كله.
وهذا المبدأ هو ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقول (من رأينا فيه خيرا، وظننا فيه خيرا، قلنا فيه خيرا وتوليناه، ومن رأينا فيه شرا، وظننا فيه شرا، قلنا فيه شرا وتبرأنا منه).
ولك أخي المسلم أن تتصور أن هذا المبدأ قد طبق في واقع المسلمين اليوم، الذي هم ملاين لا تخيف أحدا، لو طبقوا هذا المبدأ القرآني تطبيقا عمليا، بينهم وفي تعاملهم مع أعدائهم، لأعادوا إلى المجتمع الإسلامي عزته وسطوته وتضامنه، ولاحترمهم أعدائهم أنفسهم، لأن تطبيق هذا الأصل يعبر عن الاعتزاز بالنفس والثقة بها، وهذا الاعتزاز وهذه الثقة، لا ينبغي إلا أن تبنى على شريعة الله وحدها، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).
المصادر:
1. قواعد الإسلام للشيخ الجيطالي.
2. دراسات عن الإباضية للدكتور عمرو خليفة النامي
3. منهج الدعوة عند الإباضية للدكتور محمد صالح ناصر
4. الأخلاق الإسلامية وأسسها للشيخ عبد الرحمن جبنكة
5. مختصر منهاج القاصدين للشيخ ابن قدامة المقدسي
6. محاضرة الانحراف الفكري للشيخ أحمد الخليلي
عبد العزيز البناصري- عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 03/10/2009
رد: الولاية و البراءة
أخي الكريم أرجو أن تنزل موضوعك هذا المهم على حلقات فهذا أدعى للمتابعة، فعادة المشاركات الطويلة يمل القراء منها، فقسم موضوعك إلى حلقات وأنزله تباعا مشكورا.
أبونصر- مشرف
- عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 30/08/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد ديسمبر 06, 2009 12:36 am من طرف ياسر
» قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ...
الجمعة ديسمبر 04, 2009 8:42 am من طرف أبونصر
» صور إخواننا في الصين في عيد الأضحى
الخميس ديسمبر 03, 2009 7:58 am من طرف يحي بن عيسى
» الإمام غالب الهنائي في ذمة الله
الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 2:54 am من طرف يحي بن عيسى
» حول الدعوة إلى الله عز وجل
الإثنين نوفمبر 30, 2009 8:50 am من طرف أبو محسن
» مصطفى محمود: المرأة كتاب.. اقرأه بعقلك ولا تنظر لغلافه
الأحد نوفمبر 29, 2009 3:06 pm من طرف يحيى الاطرش
» عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير
الأحد نوفمبر 29, 2009 1:00 am من طرف خالد آل عبدالله
» مــــــــبـــــــــــاراة بريـــــــــــــــــــــئــــــــــــة
الجمعة نوفمبر 27, 2009 11:28 am من طرف أبو محسن
» هل نحن بحاجة إلى مراجعة فكرية لمنظومتنا التراثية؟
الأربعاء نوفمبر 25, 2009 12:44 pm من طرف يحيى الاطرش